والسرّ في ذلك أنّها في مقابلة الاستقراء بمنزلة الخاصّ في مقابلة العام لانحصار موردها في الواحد واشتراك الحكم في الاستقراء بين المتعدّد.
ومن الظاهر أنّ العام لا يعارض الخاصّ ، والظاهر لا يقدّم على النصّ لكون مناط الاعتبار في جانبهما دون ما يقابلهما.
وثاني ما يرد عليه : أنّ التمسّك بالاستقراء لا يستقيم إلاّ مع ثبوت الغلبة فيما يلحق به المشكوك فيه ممّا يستقرأ فيه ، كما هو معلوم من قضيّة أنّ الظنّ يلحق الشيء بالأعمّ الأغلب ، وهي منتفية فيما نحن فيه.
وتوضيح ذلك : أنّ مورد الشكّ إمّا فرد من صنف معلوم أو نوع معلوم أو جنس معلوم ، أو صنف من نوع معلوم أو جنس معلوم ، أو نوع من جنس معلوم ، وهو في كلّ من الصور إمّا سافل أو متوسّط أو عال ، فإن كان فردا من صنف لابدّ من إلحاقه بما هو الغالب من أفراد ذلك الصنف إن كان ، وإلاّ فيما هو الغالب في أفراد النوع إن كان ، وإلاّ فيما هو الغالب في أفراد الجنس ، فإن كانت سافلا لابدّ من تحقّق الغلبة في أفراده وإلاّ ففي أفراد المتوسّط وإلاّ ففي أفراد العالي.
وإن كان صنفا من نوع لابدّ من إلحاقه بما هو الغالب في أصناف ذلك النوع ، وإلاّ فيما هو الغالب في أصناف جنسه في كلّ من مراتبه الثلاث.
وإن كان نوعا من جنس لابدّ من إلحاقه بما هو الغالب في أنواع ذلك الجنس في كلّ من مراتبه ، ولمّا كان محلّ البحث صيغة « افعل » الّتي يقال : فعل الأمر ، فهو صنف من المشتقّ الفعلي ، وهو نوع من المشتقّ المطلق ، وهو نوع إضافي للموضوع بالوضع النوعي ، وهو نوع إضافي للّفظ الموضوع ، فهو جنس عال لانقسامه إلى ما كان موضوعا بالوضع النوعي وما كان موضوعا بالوضع الشخصي ، والموضوع بالوضع النوعي جنس متوسّط لانقسامه إلى المفرد ـ وهو المشتقّ ـ والمركّب ، والمشتقّ جنس سافل لانقسامه إلى الفعلي والاسمي ، وكلّ منهما نوع حقيقي تحته أصناف لانقسام الأوّل إلى الماضي والمضارع والأمر ، وانقسام الثاني إلى اسم الفاعل والمفعول والزمان والمكان والآلة والصفة المشبهة واسم التفضيل وصيغة المبالغة والمصدر أيضا في وجه قويّ.
ففعل الأمر إن لوحظ في أصناف النوع فلا غلبة في البين توجب الظنّ باللحوق ، لأنّ الماضي من تلك الأصناف مقطوع بعدم لحوقه به ، وأمّا المضارع وإن كان التحقيق عندنا