وإن يكلّف [ به ] مع الرخصة في ارتكاب بعض لا يقطع فيه بارتكاب المحرّم فلا يعصى به وإن صادف المحرّم ، وعدم العصيان بفعل المحرّم لعذر لا ينافي التحريم كما مرّ في الوجوب ، وأن لا يجعل له في الظاهر حكما بل يحال حاله إلى الواقع فيعصى إن صادف المحرّم ولا يعصى إن لم يصادفه على حسب ما مرّ ». انتهى.
ولنشرح ذلك المقال لينجلي به حقيقة الحال.
فنقول : لا ريب أنّ خطابات الشارع تكليفا ووضعا لا تتعلّق إلاّ بالامور الواقعيّة ، ضرورة خطأ من يزعم تعلّقها بالامور المعلومة إمّا بدعوى وضع الألفاظ بأسرها لها ، أو بدعوى انصرافها في حيّز الخطابات إليها ـ وقد حقّقناه في محلّه ـ فالمكلّف إذا حصل عنده ما يوصله إلى ما هو عليه في الواقع تكليفا ومتعلّقا له ويوجب رفع الجهالة عنه بالنسبة إليهما فهو في سمح وسهولة من أمره في مقام العمل وترتيب الآثار ، وإذا لم يحصل له ذلك في مواضع حتّى تحقّق عنده وقايع مجهولة الحال من جهة الحكم أو مورده يشكل الأمر عليه حينئذ بالنسبة إلى مقام العمل عند الحاجة ، باعتبار الجزم بأنّ شيئا من تلك الوقائع لا يخلو عن حكم مقرّر فيه بحسب الواقع ، فلابدّ حينئذ من أن ينظر فيها باعتبار هذا المقام الّذي يعبّر عنه بمرحلة الظاهر بعنوان أنّها وقائع مجهولة الحال ، فإمّا أن يكون لها من هذه الحيثيّة حكم معيّن جعله الشارع لها ويعبّر عنه بالحكم الظاهري أو لا ، بل يقال : بأنّ المكلّف منوط أمره بالواقع فإن صادفه فعلا أو تركا من باب المقارنات الاتّفاقية امتثل فيثاب ، وإن لم يصادفه فعلا أو تركا حتّى ترك واجبا أو ارتكب محرّما من باب البغت والاتّفاق لم يمتثل فيستوجب العقاب.
وعلى الأوّل فهذا الحكم المجعول إمّا أن يكون هو الوجوب في الشبهات الوجوبيّة والحرمة في الشبهات التحريميّة ، أو غير الوجوب والإباحة فيهما ، وهذه الصور بحسب الإمكان والتصوير لا يأبى عنها العقل ولا كلام فيها من حيث الإمكان.
وإنّما الكلام من حيث الوقوع فاختلف فيه بما هو مقرّر في بحث أصلي البراءة والإشتغال ، والأخيرتان من الصور قد صارتا موردا للقول فيما بينهم محقّقا ، فإنّ مآل مذهب البراءتيّين منهم في البحث المذكور إلى الصورة الثالثة ، كما أنّ مرجع قول الاحتياطيّين منهم إلى الصورة الثانية.
وأمّا الصورة الاولى وإن احتمله الفاضل المذكور في ظاهر كلامه المتقدّم إلاّ أنّه لم