يثبت لها قائل حسبما يظهر ، وإن كان يمكن إرجاع القول بالتوقّف المنسوب إلى الأخباريّة في الشبهات التحريميّة المنقول فيما بين مذاهبهم الأربعة المعروفة إلى تلك الصورة ، لاحتمال كونه توقّفا بالنظر إلى الواقع مع نفيه الحكم الشرعي في مرحلة الظاهر ، ولكن الأظهر كونه توقّفا في مرحلة الظاهر بمعنى أنّه يعترف بأنّ هذه الوقائع لها في مقام العمل حكما ظاهريّا مجعولا من الشارع ولكنّه لا يدري بأنّه ماذا؟ من جهة قصور أدلّة كلّ من البراءة والاحتياط الّتي اعتمد عليها أصحاب المذهبين عن إفادة المطلوب ، فمن هنا ساق الفاضل المذكور تلك الصور في محلّ الكلام ، حسبما مرّ في عين عبارته.
ويمكن أن يقال : بأنّ لكلّ واحدة قائلا في المقام كما يومئ النظر في كلام المدقّق الشيرواني الظاهر في الصورة الاولى ، مع ملاحظة طريقة من يذهب إلى الفور في الأوامر تمسّكا بأصل الاشتغال الصريحة في الاحتمال الثاني ، وطريقة من يعارضه من أصحاب التراخي أو الماهيّة بأصالة البراءة ، قائلا : « بأنّ أصل الشغل إنّما يستند إليه فيما لو كانت الشبهة في المكلّف به لا في التكليف كما في المقام ، لكونها حينئذ من مجرى أصل البراءة » فإنّها محتملة للصورة الأخيرة وإن لم يكن صريحة ولا ظاهرة ، ولكنّ الكلّ ـ كما صرّح به الفاضل المذكور ـ مبنيّ على جعل التوسعة الواقعيّة المقتضية لجواز التأخير الواقعي مشروطا ببقاء التمكّن في الواقع ، ونحن ننفيه وننكر الاشتراط ونقول : بأنّ النصّ في تشريع كلّ من الواجب الموسّع والواجب المطلق قد ورد مطلقا من غير تقييد لجواز التأخير ـ المستفاد منه صراحة أو إطلاقا ـ بغاية من الغايات كما في المؤقّت ، سواء فرضتها بقاء التمكّن أو غيره من الأوقات معيّنا أو غيره ، ومثل ذلك غير عزيز في الخطابات عرفيّة وشرعيّة كما لو قال : « أجبت عليك الشيء الفلاني وأجزتك بالتأخير ، أو جوّزت لك التأخير فأت به مهما شئت » من غير تعلّق نظره في تجويزه التأخير بغاية من الغايات ، بل ومع عدم التفاته إلى شيء منها كما لا يخفى.
وقضيّة ذلك جواز التأخير في الواقع على الإطلاق من دون اشتراطه ببقاء التمكّن ، لأنّه يوجب تقييدا في النصّ والأصل عدمه.
كما أنّ قضيّة جواز التأخير أن لا يترتّب على فواته في الزمن المتأخّر إثم ولا عصيان إذا كان مع ظنّ سلامة العاقبة بل ومع الشكّ أيضا ، إذ هما بعد كون الجواز مستفادا عن النصّ الّذي هو دليل اجتهادي متلازمان ، إذ لا يستفاد منه إلاّ الجواز الواقعي فلا يعقل معه