ثمّ قال : هذا مناقشة معه في الدليل ، وأمّا أصل الدعوى فلا إشكال فيما ذكره في الموقّت إمكانا ووقوعا ، وقد اتّضح وجهه ممّا ذكرناه.
وأمّا ما ذكره في غير الموقّت فممّا لا دليل على وقوعه قطعا.
وأمّا إمكانه فيتّجه على مذهب الأشاعرة ، وربّما يتّجه بناء على اصول العدليّة كما أشرنا إليه في مبحث الفور ـ يعني به ما نقلنا عنه في تصحيح كلام المدقّق الشيرواني المشار إليه ـ ثمّ ساق الكلام إلى ما حكينا عنه من التفصيل وتصوير المقام فى صور ثلاث ، ولا يخفى أنّ فيما ذكره في جواب الاحتجاج المذكور غنية في حسمه فلا ضير في الاكتفاء به.
واحتجّ على القول المختار ـ كما في كلام بعض الأفاضل ـ : بأنّ المفروض جواز التأخير شرعا كما هو مفاد توسعة الوقت ، فإذا كان جائزا وتفرّع عليه ترك الفعل لم يعقل منه صدور العصيان ، ولم يصحّ عقوبته إذ لا عقاب على ترك الجائز ، وهو كما ترى مبنيّ على ما حقّقناه من كون جواز التأخير حكما في الواقعة واقعا وظاهرا مستفادا عن النصّ والدليل الاجتهادي.
وكيف كان فنقل بعد الاحتجاج به عليه الإيراد : « بأنّ الجائز شرعا هو التأخير والإتيان بالفعل في الوقت الآخر دون الترك ، وحيث كان المظنون هو الإتيان به فيما بعد الأوّل جوّز الشارع له التأخير والإتيان به بعد ذلك ، وليس المجوّز له شرعا ترك الفعل وإلاّ لخرج الواجب عن الوجوب ».
ومحصّل ذلك : أنّ الجائز هو التأخير بشرط سلامة العاقبة ، فلا جواز مع عدمه.
وبما حقّقناه ظهر ما فيه من الفساد ، إلاّ أنّه نقل الإيراد عليه أيضا : « بأنّ سلامة العاقبة ممّا لا يمكن العلم بها ، ولو كانت شرطا في المقام لأدّى إلى التكليف بالمحال لإحالة التأخير حينئذ على أمر مجهول يمتنع العلم به ».
ثمّ قال : « ودفع ذلك : بأنّه إنّما يلزم التكليف بالمحال لو كان التأخير واجبا وأمّا لو كان جائزا فلا ، لجواز التقديم أيضا ، فيكون المكلّف به هو القدر الجامع بين الأمرين من التقديم والتأخير المشروط بالشرط المحال ، ولا استحالة فيه إذ القدر الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور ».
ثمّ قال : « واجيب عنه : بأنّ الواجب هو التقديم إذ يتعيّن في مقام الامتثال إختيار المقدور ، فلا يجوز التأخير من أوّل الأزمنة فيكون واجبا مضيّقا لا موسّعا هذا خلف ، وأيضا يكون الحكم بجواز التأخير لغوا غير جائز على الحكيم ، نظرا إلى عدم إمكانه لتوقّفه على الشرط المحال.