من جواز حمل الماهيّة على ذات الشيء وحقيقته ، فيشمل الحقيقة الشخصيّة أيضا ، وإنّما اطلقت عليها لقبولها كلاّ من وصفي المرّة والتكرار ووصفي الفور والتراخي كالكلّيّة.
بل لاحتجاجهم على هذا القول باستحالة الطلب لولا تعلّقه بالفرد ـ على ما سيأتي تقريره مفصّلا ـ ولا ريب أنّه يوجب تعيّن المراد لا الموضوع له كما لا يخفى.
مضافا إلى اتّفاقهم على كون موادّ الأفعال وغيرها من المشتقّات وضعا للطبائع على ما ادّعاه السكّاكي في كلام محكيّ عنه ـ من أنّ الخلاف في أنّ اسم الجنس هل هو موضوع للماهيّة أو للفرد المنتشر في غير المصادر الغير المنوّنة ، وأمّا فيها فالإجماع واقع على أنّها الطبيعة من حيث هي ، والوضع الطارئ للصيغة لا يوجب تبدّل المعنى المادّي وإلاّ لعرى وضع المادّة عن الفائدة ، ولو فرض ذلك راجعا إلى المادّة مع قطع النظر عن الهيئة العارضة لها للزم النقل أو الاشتراك ، بدعوى وضعها تارة للطبيعة إذا تحقّقت في ضمن صيغ سائر الأفعال ، وللمفرد منها إذا تحقّقت في ضمن فعل الأمر والكلّ بعيد لا يصغى إليها مع مخالفتها الاصول.
فعلى هذا يتناول النزاع لمثل « يجب كذا » و « أمرتك بكذا » و « أنت تفعل كذا » بل لما ثبت الحكم الشرعي لموضوعه بالإجماع ونحوه ، فلذا يعبّر عن العنوان في كثير من المواضع بتعلّق الأحكام بالطبائع أو الأفراد.
فاحتجاج الأكثر لمختارهم بالتبادر ونحوه ، وما حكى عن السكّاكي من الاتفاق على وضع المصادر ليس على ما ينبغي كما لا يخفى.
وعلى أيّ حال كان فمرادهم بالماهيّة هي الأمر المشترك بين الأفراد وبالجزئي المقابل لها فردّ مّا من الأفراد الممكنة لها على ما فسّره شارح الشرح ، فيرجع العنوان حسبما قرّرناه إلى أنّ الأمر بأيّ صيغة أطلق فهل يراد منه نفس الماهيّة أو فرد مّا منها؟
وتحقيق القول في المسألة مبنيّ على النظر في وجود الكلّي الطبيعي وعدمه ، لما عرفت من القول بتفرّع النزاع على الخلاف في تلك المسألة.
قال الشيخ البهائي : ومنشأ النزاع الاختلاف في وجودها لا بشرط ، وقضيّة ذلك أنّ من قال بوجودها في الأعيان قال بالأوّل ، ومن قال بالعدم قال بالثاني.
فنقول : لا خلاف في عدم وجود الماهيّة بنفسها وهي الّتي يعرضها الكلّي المنطقي ـ وهو عدم امتناع فرض صدق الشيء على الكثيرين ـ المعبّر عنها مجرّدة بالكلّي الطبيعي