ومقيّدة بالكلّي العقلي (١).
وأمّا وجودها بعين وجود الأفراد بحيث يكون الفرد الموجود الخارجي عين الماهيّة الكلّية ، أو في ضمن وجود الأفراد بحيث يكون جزءا من الأفراد الخارجيّة ، وعدم وجودها مطلقا ، ففيه خلاف ، يظهر الأوّل عن المصنّف في كلام محكيّ عنه (٢) في الحاشية على حكمه بكون الاستعمال في اللفظ الموضوع للمعنى الكلّي في خصوص الجزئي مجازا ، عند ردّ احتجاج من يزعم صيغة « افعل » للقدر المشترك بين الوجوب والندب ، فقال : « هذا الحكم واضح عند من لا يقول بأنّ الكلّي الطبيعي موجود بعين وجود أفراده ، وأمّا على هذا القول ـ وهو الأظهر ـ فوجه المجازيّة » ... إلى آخره.
ويستفاد ذلك عن شارح الشرح أيضا حيث قال : « والحقّ وجودها في الأعيان لكن لا من حيث كونها جزءا من الجزئيّات المحقّقة على ما هو رأي الأكثرين ، بل من حيث إنّه يوجد شيء يصدق هي عليه ، وقد تكون عينه بحسب الخارج وإن تغايرا بحسب المفهوم ».
والثاني منسوب إلى المحقّقين ويستفاد عن كلام محكيّ عن الشيخ في الشفاء ، وهو ـ على ما في حاشية الزبدة من مؤلّفها ـ قوله : « والحيوان بشرط أن لا يكون معه شيء آخر لا وجود له في الخارج ، وأمّا الحيوان لا بشرط فله وجود في الأعيان ، فإنّه في حقيقته بلا شرط وإن كان معه ألف شرط يقارنه من الخارج ، فالحيوان بمجرّد الحيوانيّة موجود في الأعيان وليس ذلك يوجب عليه أن يكون مفارقا ، بل الّذي هو في نفسه خال عن الشرائط اللاحقة موجود في الأعيان وقد اكتنفه من خارج شرائط وأحوال ، فهو في حدّ وحدته الّتي هو بها واحد من تلك الجهة هو حيوان مجرّد بلا شرط شيء آخر » انتهى.
والثالث معروف ، وأوسط الأقوال أوسطها ، فإنّ الكلّي الطبيعي ـ على ما يساعده التحقيق ـ موجود في الأعيان وفي ضمن الجزئيّات.
لنا على ذلك : قضاء الوجدان بأنّ كلّ شخص فيه من الماهيّة ما لو قطع (٣) النظر عن
__________________
(١) وإن شئت تصوير هذه الأقسام فقسها على مفهوم لفظة « قائم » مثلا فإنّ هنا وصفا وذاتا ، والذات قد تلاحظ مجرّدة عن عروض ذلك الوصف وقد تلاحظ معروضة لذلك الوصف بحيث يكون التقيّد داخلا والقيد خارجا ( منه ).
(٢) حكاه ابنه والمدقّق الشيرواني ( منه ).
(٣) وبعبارة اخرى : قضاء الحسّ والعيان بوجود حصّة من الماهيّة الكلّيّة في ضمن الشخص الّذي لو قطع النظر عن جميع مشخّصاته لكانت تلك الحصّة مطابقة لتلك الماهيّة ولا نعني من وجود الكلّي الطبيعي إلاّ هذا ( منه عفى عنه ).