جميع مشخّصاته وعوارضه لكان منطبقا على الماهيّة الكلّية القابلة لصدقها عليه وعلى غيره بالسويّة.
وبذلك يندفع ما عساه يورد من أنّ الماهيّة لكونها معروضة للكلّي المنطقي فيجب أن لا يمتنع فرض صدقها على كثيرين ، والموجود الخارجي كيف يعقل صدقه على الكثيرين ، فإنّ الممتنع صدقه على الكثيرين إنّما هو الماهيّة المقيّدة بالتشخّصات وأمّا هي مع قطع النظر عنها فقابلة للصدق على الكثيرين.
لا يقال : فيلزم سقوط الجزئي الّذي أطبق على وجوده ـ قبالا للكلّي ـ جميع أهل الملل والأديان عمّا في البين ، لتضمّن كلّ شخص يقال لها الجزئي لتلك الماهيّة الّتي تكون كلّيّا ، إذ الفرق بين الكلّي والجزئي اعتباري منوط باعتباري التجرّد والتقيّد في الماهيّة المذكورة ، فإنّها لو اخذت مقيّدة يقال لها : « الجزئي » لامتناع فرض صدقها حينئذ على الكثيرين ، ولو اخذت مطلقة يقال لها : « الكلّي » لعدم امتناع فرض صدقها حينئذ على كثيرين.
وبالجملة : قضيّة ما ذكرنا من حكم الضرورة والوجدان كون كلّ شخص مركّبا عن الماهيّة والتشخّصات العارضة لها ، فلذا قيل في وجه تسمية الكلّي والجزئي بهما : أنّ الكلّي منسوب إلى الكلّ الّذي هو الجزئي ، لاشتماله عليه مع شيء زائد وهو التشخّص والمنسوب إلى الكلّ كلّي ، والجزئي منسوب إلى الجزء الّذي هو الكلّي والمنسوب إلى الجزء جزئي ، وظاهر أنّ المعدوم ممّا لا يعقل تركّب الموجود معه.
مع أنّ الضرورة قد قضت باشتمال كلّ جزئي على ما يمتاز به عمّا عداه وما يشاركه فيه ما عداه ، والمشاركة مع عدم وجود ما به الاشتراك غير معقولة.
مع انّه لا يستريب أحد في تعقّل الماهيّات وتصوّرها ووجودها في الذهن ، وتعقّل الشيء مع عدم وجود ذلك الشيء ممّا لا يتعقّل ، فلذا لا نتعقّل في مفهوم « العنقاء » شيئا.
لا يقال : إنّ ذلك من جهة أنّ العقل ينتزع من الأفراد صورا كلّيّة وهو لا يستلزم الوجود كمفهوم فرد مّا ونحوه ، لأنّه إمّا ينتزعها عمّا به الامتياز أو ما به الاشتراك ، والأوّل محال والثاني غير المطلوب ، ضرورة امتناع الانتزاع عمّا لا وجود له.
مع أنّ الجزئي ممّا لا يوجد في الخارج إلاّ بعد تحقّق جميع مشخّصاته ، لأنّ الشيء ما لم يتشخّص بجميع مشخّصاته لم يوجد ، وهي امور خارجة عن ذاته فلابدّ له من ذاتي وإلاّ لانحصر في المشخّصات ، ولا يعقل له ذات سوى الماهيّة الكلّية فلابدّ من وجودها ، وإلاّ