المشترك لا يصير مقدورا إلاّ بمقدوريّة جميع أفراده ، ومفروض المقام خلافه لعدم مقدوريّة أحد فرديه هنا فيستحيل طلبه.
وقضيّة ذلك توجّهه إلى المقدور ، ولمّا كان المقدور في المقام هو الفعل مع النيّة فيكون هو المطلوب دون غيره ، فلا يحصل الإمتثال بغيره لأنّه ليس بمطلوب.
والجواب : منع اعتبار القصد إلى الفعل في القدرة عليه كما عرفت ، ولو سلّم فلا يجديه نفعا في المقام ، إذ لو أراد به القصد إلى أصل الفعل فانتفاؤه هنا خلاف الفرض ، ولو أراد به القصد إلى خصوصيّة العنوان فلا ينوط به القدرة على أصل الفعل كما لا يخفى ، والتكليف إنّما تعلّق بالمقدور لا بالمقصود ، ولو سلّم أنّ الطلب لم يتعلّق إلاّ بالمقصود فهو ليس من جهة اعتبار القصد في مقصود الآمر ، بل إنّما هو لأجل قصور نفس الطلب في تعلّقه به ، فلا ينافيه كون مقصود الطالب عند قصور الفعل أعمّ من المقصود وغيره ، فيكون المطلوب أخصّ من المقصود ولا ملازمة بينهما من حيث العموم والخصوص.
وبالجملة : نحن نعلم بالوجدان أنّ مقصود الآمر إنّما هو حصول أصل الفعل في الخارج كيفما اتّفق ، فيكفي في الامتثال تحقّق المصداق في الخارج مع كونه مقصودا ببعض عنواناته وإن لم يكن ذلك العنوان هو الوصف المعتبر في المأمور به ، لأنّه كاشف عن علّة الحكم لا أنّه علّة لاعتبار أمر زائد في موضوعه.
وبالجملة : نحن لا ننكر اشتراط التكليف بالقدرة ، وأنّ الطلب لا يتعلّق إلاّ بالمقدور.
ثمّ لو سلّم مدخليّة القصد في القدرة ، نقول : إنّ العبرة في الامتثال إنّما هو بالإطلاق والتقييد اللذين تصوّرهما الآمر عند إرادة الطلب ، فلو ظهر من دلالة خارجة إنّ ما تصوّره الآمر كان أمرا مطلقا يحصل الامتثال بما يقع من مصاديق ذلك المطلق وإن لم يكن بالعنوان الّذي تعلّق به الطلب بذلك العنوان ، كما لو ظهر أنّه إنّما تصوّر أمرا مقيّدا فطلبه ، فلا يحصل الامتثال إلاّ بذلك المقيّد ، فلذا لو ظهر أنّ طالب الماء إنّما تصوّر ماء باردا أو حلوا لا يحصل الامتثال بالحارّ أو الماء الملح.
ومن المعلوم في المقام بحكم البديهة والعرف والعادة أنّ ما يتصوّره الآمر إنّما هو حقيقة الفعل من غير ملاحظة شيء آخر معها من القيود الخارجة عنها كالقدرة والقصد ونحوهما ، إلاّ أنّ الطلب لقصوره في حدّ ذاته لا يتعلّق بحكم العقل إلاّ بما كان مقدورا (١) لئلاّ
__________________
(١) وحاصل هذا الكلام : أنّ القدرة إنّما تقيّد الطلب لا المطلوب ، فلذا تعدّ من شرائط التكليف لا المكلّف به ، فهو