ولا يرد : أنّه تعريف بما يوجب الدور ، بعد ملاحظة أنّ التعبّد في المعرّف محمول على مفهومه اللغوي أو العرفي.
والمراد بالثاني ما أمر به لأجل حصوله في الخارج ، بمعنى كون الداعي إلى إيجابه مجرّد حصوله لا غير.
ومن خواصّ الأوّل اشتراطه بكون الإتيان به مقرونا بقصد الامتثال ، فبدونه لا يسقط الطلب ولا يخرج عن العهدة ولو بلغ في حصوله الخارجي ما بلغ ، لا لأنّ المطلوب حاصل ومعه لا يسقط الطلب وإلاّ يلزم طلب الحاصل وأنّه محال ، بل لأنّ المطلوب هو العمل المقرون بقصد الامتثال ، فالمطلوب فيما تجرّد عن القصد المذكور ليس بحاصل والحاصل ليس بمطلوب.
وقضيّة ذلك بقاء الطلب حتّى يحصل المطلوب.
ومن لوازم الثاني عدم افتقاره إلى مقارنته للقصد المذكور فبمجرّد حصوله في الخارج على أيّ نحو اتّفق ولو مجرّدا عن القصد يترتّب عليه الأثر المقصود منه ، وهو الّذي يعبّر عنه بالصحّة بمعنى ترتّب الأثر ، ولازمه فراغ الذمّة وسقوط الطلب وعدم استحقاق العقوبة ، وإن لم يترتّب عليه استحقاق المثوبة عليه في بعض صوره كما لا يخفى.
والحاصل أنّ مجرّد حصوله في الخارج كائنا ما كان يسقط معه الطلب ، ضرورة استحالة طلب الحاصل.
غاية الأمر أنّه لا يترتّب عليه حينئذ ثواب لتوقّفه على قصد الامتثال ، فالفرق بين القسمين منحصر فيما ذكر.
وقد يقال بينهما مع ذلك فرق آخر من وجهين :
أحدهما : جواز اجتماع الثاني مع الحرام دون الأوّل.
وثانيهما : اشتراط الأوّل بالمباشرة النفسيّة دون الثاني ، وقد يقيّد الجميع بالغالب ، وكيف كان فهو ضعيف بما سنقرّره.
فإذا ورد أمر في الشريعة لطلب شيء فلو علم من دلالة خارجيّة بأنّ المراد به التعبّدي خاصّة أو التوصّلي كذلك أخذ به وعمل بموجبه ، ولو لم يعلم بذلك من جهة فقد الدلالة الموجب لحصول الاشتباه من جهة دوران الأمر بينهما ، فهل الأصل أن يحكم بالتعبّد أو التوصّل أو يجب التوقّف؟