والاقتصار على جماعة واحدة في الثاني ، ومع العلم بها ينتهض الثاني قرينة على إرادة العهد الذهني من الأوّل ، ولا ينبغي حمله حينئذ على جماعة من مطلق الفقراء لأدائه إلى خروج الأوّل لغوا ، وفي مثل « العلماء والفقراء » مع عدم العلم بها يحمل الأوّل على جماعة لا بعينها والثاني على العموم ، ومع العلم بها يجعل « اللام » للإشارة إلى ما سبق من باب العهد الذكري ، وهل يتداخل الحكمان مع التعدّد في مورد الاجتماع من كلّ من المثالين في جميع صورهما ، مبنيّ تحقيقه على الأصل الآتي.
المرحلة الثانية : فيما لو كانا متماثلين مع ورودهما متقارنين ، ولا يعقل إلاّ في متكلّمين لمخاطب واحد أو متعدّد ، ولا إشكال في وحدة التكليف في الأوّل وكذلك الثاني مع وحدة السبب ، كما لا إشكال في تعدّده فيه مع تعدّد السبّب ، وأمّا إذا تعدّد المخاطب ولم يعلم باتّحاد السبب فهل الأصل كونه متّحدا أو لا؟
وجهان من غلبة الاتّحاد في الأوامر المتعلّقة بمفهوم واحد ولا سيّما في الخطابات المتوجّهة إلى أكثر من مخاطب واحد ، وظهور الأمرين في التعدّد مع أولويّة التأسيس ، ولعلّ الأوّل أرجح ، للأصل مع ظهوره في الأوامر العرفيّة كما في عبدين بين شريكين ، ولا ينافيه أولويّة التأسيس لكون كلّ منهما حينئذ تأسيسا وبيانا للحكم بالنسبة إلى كلّ واحد.
المرحلة الثالثة : فيما لو كان متماثلين مع ورودهما على سبيل التعاقب من دون قابليّة المطلوب بهما للتعدّد والتكرار ، كما لو قال : « اقتل زيدا اقتل زيدا » وينبغي القطع بوحدة التكليف حينئذ الموجبة لورود الثاني مؤكّدا ، حذرا عن لزوم التكليف بغير المقدور ، ضرورة امتناع الامتثال لو اريد بهما التعدّد ، والظاهر عدم الفرق في ذلك ما لو اتّحد السبب أو تعدّد كما لو قال : « اقتل زيدا لارتداده » و « اقتل زيدا لقتله النفس المحترمة » خلافا لبعض الأفاضل المصرّح بحمل الثاني على التأسيس حينئذ ، فيفيد تأكّد الوجوب واجتماع جهتين موجبتين للفعل بكونه واجبا بملاحظة كلّ منهما ، فهنا واجبان اجتمعا في مصداق واحد.
وفيه : أنّه إن كان المراد أنّ الثاني يفيد وجوبا واردا على ما أفاده الأوّل كما هو صريح.
فيردّه : لزوم التكليف بغير المقدور إن اريد بكلّ منهما الامتثال ، وخروج الخطاب عن الحكيم لغوا وعبثا مع عدم إرادة الامتثال.
وإن كان المراد أنّه يفيد تأكّد الوجوب الأوّل.
فيدفعه : أنّ تأكّد بعض الواجبات وتضاعفها واختلاف وجوبها في الشدّة والضعف