بتفاوت صفاتها الكامنة فيها في مراتبها وإن كان أمرا مسلّما ـ فلذا يرجّح بعضها على بعض عند التزاحم ، ويقدّم ما هو الأرجح في نظر الشارع لجهات قد علمت عن طريقته ـ إلاّ أنّ الالتزام به في محلّ [ البحث ] إخراج للخطاب عن ظاهره ، حيث إنّ الأمر لم يوضع لإفادة التأكيد لوجوب آخر ، وإنّما لإيجاد طلب مستقلّ برأسه ، مع أنّ كلاّ من الشدّة والضعف وصف في ماهيّة واحدة ينشأ ممّا في الجهة الموجبة لها من الشدّة والضعف ، وكلّ من الجهتين مقتضية لماهيّة غير ما اقتضته الأخرى ، ومآل الكلام المذكور إلى جعل ماهيّة تأكيدا لاخرى وهو ممّا لا يتعقّل.
والّذي يساعده النظر خروج ذكر السبب معهما في المثال قرينة على وقوعهما موقع الإرشاد والتعليم ، وبيان أنّ كلاّ من الجهتين ممّا يوجب استحقاق القتل ، فلو اجتمعتا في أمر واحد شخصي يكون هناك استحقاقان لا أنّه مطلوب قتله مرّتان ، ولو جعل أحدهما للطلب والآخر للإرشاد لكان تقليلا في مخالفة الأصل فيكون أولى ، ولعلّ الأوّل أولى بالحمل على الطلب من الثاني لتقدّمه وتوجّه المحذور من قبل الثاني ، فالقدر المتيقّن ممّا أوجب الخروج عن أصل الحقيقة إنّما هو هذا فيقتصر عليه ويبقى الأصل بالنسبة إلى الأوّل سليما عن المعارض.
ولا يرد عليه : معارضة ما ذكر من الحمل على إرادة التأكيد ، لتقدّم المجاز الشائع عند التعارض ، ولا سيّما إذا كان الآخر غير معهود في التعارف والاستعمال ، بل غير صحيح بالنظر إلى ما ذكرنا من قضيّة عدم المعقوليّة ، فلا معارض لما رجّحناه في الحقيقة.
وفرض المقام من قبيل اجتماع الواجبين في مصداق واحد مع أنّه غير معقول لما عرفت ، إنّما يصحّ فيما لو كان الأمر الواحد موردا للاجتماع فيما لو تعلّق الأمران بمفهومين بينهما عموم من وجه ، كما لو قيل « اقتل المرتدّ » و « اقتل شارب الخمر » لا فيما لو كان بنفسه موردا للأمرين كما في محلّ البحث.
لا يقال : ما قرّرته من عدم معقوليّة الاجتماع في مصداق واحد ـ على فرض ورود الأمرين على مفهومين ـ هو مادّة اجتماعهما وارد عليك في ما ذكرته في الصورة الرابعة من المرحلة الاولى.
لأنّا فرضنا الكلام ثمّة فيما كان قابلا للتكرار بحسب الامتثال ، فلذا نبّهنا على جريان احتمالي التداخل وعدمه بخلاف محلّ البحث الّذي لا يكون قابلا لذلك.
فلابدّ حينئذ من صرف أحد الأمرين عن ظاهره فيما لو تعلّقا بمفهومين بينهما عموم