من وجه بارتكاب تقييد يوجب خروج مادّة الاجتماع ، القاضي بكونها متعلّقا لأحد الوجوبين لئلاّ يلزم التكليف بما لا يطاق لو اريد الامتثال مطلقا ، أو خروج الخطاب لغوا لو جعل أحد الأمرين لغير إرادة الامتثال مطلقا ، أو استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي وغيره لو جعل أحد الأمرين لإرادة الامتثال في مادّة الافتراق ولغير إرادته بالنسبة إلى مادّة الاجتماع ، والتقييد وإن كان في حدّ ذاته مخالفا للأصل إلاّ أنّه أرجح من الجميع ، ولا سيّما مع ملاحظة أنّ شيئا من ذلك غير صحيح إمّا عقلا أو لغة كما لا يخفى.
المرحلة الرابعة : فيما لو كانت الصورة بحالها مع قابليّة المأمور به للتعدّد والتكرار ، ولها باعتبار التنكير والتعريف مع تخلّل العطف وعدمه أقسام قد وقع الخلاف في بعضها.
القسم الأوّل : أن يكون الأمران منكرين أو ما هو بمنزلته مع عدم كونهما متعاطفين ، كقوله : « صلّ ركعتين ، صلّ ركعتين » وقوله : « صم ، صم ».
فقد ذهب العلاّمة في التهذيب إلى أنّ الثاني يفيد غير ما أفاده الأوّل ، وعزاه السيّد في المنيّة إلى القاضي عبد الجبّار وفخر الدين ، وعن قوم ـ على ما في كلام بعض الأفاضل ـ المصير إلى اتّحاد مفاديهما ، وعليه الفاضل المذكور وبعض الأعاظم وهو الأقوى. ويظهر من السيّد أيضا.
وربّما يعزى إلى أبي الحسين القول بالتوقّف كما في المنية.
حجّة القول الثاني ـ على ما في كلام بعض الأعاظم ـ : الغلبة وظهور التأكيد في مثله ، واعتمد عليهما الفاضل المذكور وأضاف إليهما قوله : « ولا يعارضه رجحان التأسيس على التأكيد لظهور العبارة في ذلك ، بعد ملاحظة مرجوحيّة التأكيد في نفسه بالنسبة إلى التأسيس ، وعلى فرض تكافؤ الاحتمالين فقضيّة الأصل عدم تعدّد التكليف ».
وحجّة القول الأوّل : وجوه :
الأوّل : ما قرّره السيّد عن العلاّمة في تفصيل ما أجمله في التهذيب ، وهو : أنّ الأمر يقتضي الوجوب ـ على ما تقدّم ـ فالأمر الثاني لو لم يجب به شيء أصلا لزم تخلّف المعلول عن العلّة وهو محال ، وإن وجب به الفعل المأمور به أوّلا لزم تحصيل الحاصل لكونه واجبا بالأمر الأوّل ، فتعيّن وجوب غيره وهو المطلوب.
الثاني : ما أشار إليه العلاّمة أيضا ممّا فصّله السيّد ، من أنّ صرف الأمر الثاني إلى الفعل المأمور به أوّلا يوجب كونه للتأكيد ، وصرفه إلى فعل آخر غيره يوجب كونه للتأسيس ، وفائدة التأسيس أولى من فائدة التأكيد.