وفيه نظر : فإنّ الملازمة إذا كانت ملحوظة بين الموضوع له ومعنى آخر يصحّ عدّ البحث عنها من مباحث الدلالات اللفظيّة ، على أنّها غير منحصرة في المطابقة والتضمّن.
ومن أدلّتهم هنا ما يقضي بكون الوجوب من مفاهيم اللفظ ـ كما في كلام البهائي ـ من الاحتجاج بذمّ السيّد العبد المأمور بالكتابة القادر على تحصيل القلم المعتذر بفقده على عدم تحصيله ، إذ لو قال العبد : « إنّك لم تأمرني بتحصيل القلم وإنّما أمرتني بالكتابة » صحّ له أن يقول : « إنّ أمري بالكتابة كان متضمّنا للأمر بتحصيل القلم » كما أنّ من أدلّة مسألة المفاهيم ما يقضي بإرادة إثبات الملازمة العقليّة بين التعليق والانتفاء عند الانتفاء ، كما في احتجاجهم بلزوم عراء كلام الحكيم عن الفائدة لولاه.
نعم يتوجّه إلى أهل هذا العنوان أن لا اختصاص للحكم بما يستفاد عن الأوامر اللفظيّة ، فإنّها وغيرها في ذلك على نهج سواء ، فالّذي يناسبه عموم النظر أخذ الوجوب موضوعا في العنوان.
ولكن يمكنهم الذبّ عنه بدعوى : إرادة المثال أو قيام النكتة الداعية إلى تخصيص الأمر بالذكر دون غيره ، من حيث كونه غالب أفراد الموضوع.
وكيف كان ففي كون المسألة فرعيّة أو اصوليّة قد يذكر جواز الوجهين ، من صحّة عدّها من المسائل الفرعيّة باعتبار كون البحث فيها بحثا في الوجوب الّذي هو حكم فرعي ، وصحّة عدّها من المسائل الاصوليّة نظرا إلى أنّ الكلام في إثبات هذا الحكم من العقل ، فإنّ حكم العقل بالوجوب دليل عقلي والبحث في إثباته بحث عن حال الدليل وهو من المسائل الاصوليّة ، مع إمكان إرجاعها إلى مبادئ المسألة الاصوليّة بإرجاع الكلام إلى الصغرى ، بأن يقال : إنّ العقل هل له حكم هاهنا أو لا؟
وفيه أيضا نظر : فإنّ الحكم الفرعي ما يتعلّق بكيفيّة عمل المكلّف بلا واسطة والّذي يتصوّر فيه ذلك إنّما هو جزئيّات الوجوب الثابت هنا لا نفسه ، فلذا يؤخذ ذلك كبرى في دليل كبرى القياس الّذي يرتّب في الكتب الفقهيّة للاستدلال على حكم أشخاص المقدّمات الّتي هي أفعال للمكلّفين لا ما هو موضوع لتلك المسألة ، ضرورة تخلّل الواسطة بينهما في تعلّق حكمها بما هو من أفعال المكلّفين تخلّلها بين سائر المسائل الاصوليّة وتلك الأفعال كما لا يخفى.
وأعجب من ذلك عدم إمكان الجمع بين تجويز كونها من المسائل الفرعيّة وما تقدّم