وغرضه فرض النسبة بين ما اختاره أوّلا وما حكاه ثانيا من الإطلاق والتقييد ، فزعم أنّ النسبة في كلّ من المطلق والمشروط بين مختاره وما حكاه عموم من وجه ، فيجتمعان في مادّة ويفترقان في آخرين.
أمّا الاجتماع ففي شيء غير حاصل لم يكن ممّا مرّ من الامور المعتبرة في التكليف ، فإنّه على كلا التعريفين مطلق إن لم يتوقّف وجوبه عليه ومقيّد إن توقّف وجوبه عليه.
وأمّا الافتراق في مطلق الأوّل عن مطلق الثاني ومشروط الثاني عن مشروط الأوّل ففي شيء حاصل غير الامور المعتبرة في التكليف يتوقّف عليه وجوب الواجب ، فإنّه مطلق على الثاني لما يصدق عليه أنّه ما لا يتوقّف وجوبه على أمر غير حاصل دون الأوّل ، إذ لا يصدق عليه أنّه ما لا يتوقّف وجوبه بعد حصول شرائط التكليف على شيء ، وفي مطلق الثاني عن مطلق الأوّل ومشروط الأوّل عن مشروط الثاني ففي شيء غير حاصل من الشرائط المعتبرة في التكليف كالبلوغ مثلا ، فإنّه مطلق على الأوّل لأنّه وإن كان ممّا يتوقّف عليه وجوب الواجب ولكنّه ليس شيئا غير الشرائط الأربع ، فيصدق عليه أنّه ما لا يتوقّف وجوبه على شيء بعد حصول شرائط التكليف دون الثاني إذ لا يصدق عليه أنّه ما لا يتوقّف وجوبه على شيء غير حاصل ، بل هو ممّا يتوقّف وجوبه على ذلك.
ولا يخفى أنّ هذا التقرير من النسبة يجري بين هذا التعريف وتعريف العميدي أيضا ، فيكون مفاد هذا التعريف : « أنّ المطلق ما لا يتوقّف وجوبه على أمر غير حاصل ، سواء توقّف على أمر حاصل أو لا ».
ومفاد تعريف العميدي : « أنّ المطلق ما لا يتوقّف وجوبه على أمر زائد على الامور المعتبرة في التكليف ، سواء توقّف على الامور المعتبرة أو لا » وهذا معنى العموم من وجه.
وفيه ما لا يخفى من المنع عن مادّتي الافتراق ، أمّا عن افتراق الأوّل : فلمنع عدم صدق الأوّل على ما صدق عليه الثاني من الفرض ، أعني ما حصل من مقدّمات الوجوب الّذي يكون غير الشرائط الأربع ، بل يصدق عليه مع هذا الفرض أنّه ما لا يتوقّف وجوبه بعد حصول شرائط التكليف على شيء ، والّذي فرض حصوله ممّا عدا شرائط التكليف لا يصدق عليه بعد حصوله أنّه ممّا يتوقّف عليه وجوب الواجب ، ضرورة أنّ التوقّف إنّما تصدق قضيّته قبل حصول ما يتوقّف عليه ، فلذا يقال : إنّ الواجب المشروط بعد حصول شرطه مطلق.
وأمّا عن افتراق الثاني : فلمنع صدق الأوّل أيضا على ما ذكر من الفرض ، فإنّ الكلام