إنّما هو في الواجب بعد إحراز وجوبه ، ولا يجب إلاّ بعد تحقّق الامور الأربع المعتبرة في التكليف وتوجّه الخطاب ، فمع فرض انتفاء بعضها لا وجوب حتّى ينظر إلى إطلاقه أو تقييده بالنظر إلى شيء.
والمفروض أنّ المطلق على الأوّل ما لا يتوقّف وجوبه بعد حصول شرائط التكليف على شيء ، وهذا المعنى ينافيه فرض بعض تلك الشرائط غير حاصل ، فما فرض من مادّة افتراق الثاني مبائن للأوّل أيضا ، فكيف يكون من مصاديقه حتّى يكون مادّة الافتراق بالقياس إلى الثاني ، وإنّما هو مبائن لهما معا.
فالّذي يقتضيه النظر الجليّ أنّ النسبة بين التعريفين هو الترادف أيضا ، فهذه التعاريف الثلاث مترادفة جزما.
ومنها : ما نسب إلى العضدي والتفتازاني والسيّد الشريف والسيّد صدر الدين من : أنّ الواجب المطلق ما لا يتوقّف وجوبه على ما يتوقّف عليه وجوده من حيث هو كذلك ، ويقابله المقيّد وهو ما يتوقّف وجوبه على ما يتوقّف عليه وجوده من حيث هو كذلك ، وقد يقال : « على مقدّمة وجوده » بدلا عن قولهم : « على ما يتوقّف عليه وجوده ».
وفائدة الحيثيّة على ما ذكروه الاحتراز عن الواجب بالإضافة إلى جهته الّتي تبائن الجهة الّتي قد لوحظ ما فيه من الإطلاق والتقييد بالنسبة إلى تلك الجهة.
وبيان ذلك : أنّ الإطلاق والتقييد في كلّ واجب من الامور الإضافيّة الّتي يمكن اجتماعها في شيء واحد باعتبارات مختلفة وحيثيّات متعدّدة ، ككون الشيء فوقا وتحتا مثلا ، فإنّه قد يتّصف بهما شيء واحد باعتبار اجتماعهما فيه كالسقف والسماء الاولى ، فإنّ الأوّل فوق بالنسبة إلى أرض البيت وتحت بالنسبة إلى سطحه ، كما أنّ الثاني فوق بالإضافة إلى الأرض وتحت بالإضافة إلى السماء الثانية ، والواجب أيضا قد يكون مطلقا بالإضافة إلى شيء ومقيّدا بالإضافة إلى شيء آخر ، كالحجّ بالنسبة إلى الاستطاعة وشراء الزاد والراحلة.
بل قد يقال : إنّه لا يوجد واجب مطلق إلاّ وهو مقيّد من وجه آخر ، كما لا يوجد واجب مقيّد إلاّ وهو مطلق من وجه آخر.
أمّا الأوّل : فلأنّ كلّ واجب مقيّد بالبلوغ والعقل والقدرة والعلم ، وأمّا الثاني : فلأنّ كلّ واجب مطلق بالنسبة إلى السعي في تحصيله ، فلا يكون واجب حينئذ إلاّ ويصدق عليه التعريفان معا ، ولا يحصل الاحتراز عند صدق أحدهما عليه عن الآخر إلاّ بقيد الحيثيّة