مقيّد باتّفاقهم نصّا وعملا.
وقضيّة ذلك انتقاض الأوّل طردا بالفرض الثاني وانتقاض الثاني كذلك بالفرض الأوّل وهو باطل بضرورة من اصطلاحهم ، ولو جعل العبرة فيهما بالتوقّف على مقدّمة الوجود حتّى يكون المطلق ما لا يتوقّف وجوبه على مقدّمة الوجود خاصّة سواء توقّف على ما ليس بمقدّمة الوجود أو لم يتوقّف ، ويكون المقيّد ما يتوقّف وجوبه على مقدّمة وجوده خاصّة ، لانتقض تعريف الأوّل طردا وتعريف الثاني عكسا بالحجّ والزكاة ونحوهما ، لخروجهما عن المقيّد ودخولهما في المطلق ، بل ينتقض الأوّل عكسا والثاني طردا بما لا يتوقّف وجوبه على ما ليس بمقدّمة الوجود ولا مقدّمة الوجوب كما مرّ ، واللوازم (١) كلّها باطلة بالضرورة ، فلابدّ وأن يجعل العبرة فيهما بمجرّد التوقّف من غير إضافته إلى مقدّمة الوجود ولا غيرها.
ويقال : الواجب المطلق ما لا يتوقّف وجوبه على شيء غير مقدّمات التكليف ، والمقيّد ما يتوقّف وجوبه على شيء.
فمن جميع ما قرّرناه ظهر أنّ التعريف الّذي نقلناه عن العميدي أجود من هذا التعريف وأوفق باصطلاحهم.
وبالجملة : الواجب إمّا مطلق بالإضافة إلى كلّ شيء يفرض تقيّد وجوبه به ، بمعنى عدم توقّف وجوبه على شيء سواء كان ذلك الشيء مقدّمة لوجوبه أو مقدّمة لوجوده أو
__________________
(١) وفيه نظر واضح يظهر وجهه ممّا تقدّم في الحاشية السابقة ، فإنّ ما يتوقّف عليه الوجوب على ما قرّرناه لا يكون إلاّ ما يتوقّف عليه الوجود كائنا ما كان ، وليس ممّا يتوقّف عليه الوجوب ما لا يكون ممّا يتوقّف عليه الوجود ، فالاستطاعة أيضا ما يتوقّف عليه وجود الواجب باعتبار وصفه العنواني.
غاية الأمر أنّ توقّف الوجوب مع توقّف الوجود بالنسبة إليها متلازمان ، ضرورة أنّ فرض التوقّف للوجوب عليها يستلزم كونها ممّا يتوقّف عليها الوجود أيضا بعنوان الوجوب فيسلّم حدّ المقيّد طردا وعكسا ، وكذلك حدّ المطلق أيضا إذ يصدق على الصلاة بالنسبة إلى حركة اليد مثلا أنّها ما لا يتوقّف وجوبه على ما يتوقّف عليه وجوده ، ضرورة أنّ توقّف وجوبها عليها فرضا يستلزم كونها ممّا يتوقّف عليه وجودها ، فهي ما يتوقّف عليه وجود الصلاة على تقدير كون وجوبها متوقّف عليها.
وبالجملة : المراد بما يتوقّف عليه الوجود في تعريف المطلق أعمّ ممّا كان كذلك محقّقا كالطهارة للمصلّي أو مقدّرا كحركة اليد فيها ، فإنّها على تقدير توقّف الوجوب عليها كان ما يتوقّف عليه الوجود فيصدق على الصلاة إنّما مطلق بالنسبة إليها أى لا يتوقّف وجوبها على الحركة الّتي هي مقدّمة لوجودها بعنوان أنّها واجبة على تقدير توقّف وجوبها عليها ، فليتدبّر فإنّه دقيق هدانا الله سبحانه إلى التفطّن به. ( منه عفي عنه ).