لم يكن بشيء من المقدّمتين كما هو الراجح في النظر ، أو مطلق بالإضافة إلى ما عدا مقدّمة الوجوب سواء كان مقدّمة للوجود أو لا ـ كما اختاره العميدي ـ أو مطلق بالإضافة إلى مقدّمة الوجود خاصّة ـ كما عليه العضدي وغيره ممّن ذكروا ـ وهو أخصّ من الأوّلين كما أنّ الثاني أخصّ من الأوّل ، ولمّا كان من عرّفه بأحد الأخيرين يدّعي تخصيص الاصطلاح بما عدا الأمر الخارج عن المقدّمتين لظهور التعريفين فيه فلا يسمع منه ذلك إلاّ مع الدليل ، والمفروض فقده في المقام بل الدليل على خلافه كما عرفت.
فيترجّح في النظر القاصر كون الأوّل أنسب بمذاق القوم وأوفق باصطلاحهم ، وبمقايسته يعرف المقيّد أيضا وهو ما كان وجوبه موقوفا على شيء مّا سواء كان بواحدة من المقدّمتين أو لم تكن بشيء منهما ، فما يضاف إليه الواجب المقيّد ويعتبر تقييده بالنسبة إليه أعمّ من الأقسام الثلاث ، كما أنّ ما يضاف إليه الواجب المطلق ويعتبر إطلاقه بالنسبة إليه أعمّ من الجميع هذا.
ثمّ إنّه تراهم في أكثر عنوانات المسألة أنّهم يعتبرون فيها قيد الإطلاق راجعا إلى الأمر أو الإيجاب أو الوجوب وقيد المقدوريّة راجعا إلى المقدّمة ، حتّى ذكر جماعة في توجيه الأوّل إنّه لإخراج الواجب المشروط عن العنوان إذ لا نزاع في مقدّماته ، وفي توجيه الثاني إنّه لإخراج المقدّمات الغير المقدورة لخروجها عن المتنازع فيه ، وربّما يرجع ذلك إلى الأوّل ويعلّل الخروج بأنّ النزاع إنّما هو في مقدّمات الواجب المطلق والواجب بالنسبة إلى المقدّمة الغير المقدورة مشروط ، بل ربّما يؤخذ ذلك التعليل اعتراضا على من اعتبر هذا القيد بعد ما اعتبر القيد الأوّل المخرج للواجب المشروط ، لعدم الحاجة إليه حينئذ.
ولنا على اعتبار كلّ من القيدين كلام يأتي تفصيله عند شرح عبارة المصنّف المشتملة عليهما.
ولا يذهب عليك أنّ انقسام الواجب إلى المطلق والمقيّد إنّما هو بحسب الاصطلاح وإلاّ فهو بحسب العرف واللغة ـ وفاقا لغير واحد من الأجلّة ـ حقيقة في المطلقة خاصّة.
لنا : ما تقدّم تحقيقه في بحث المشتقّ من كونه حقيقة فيما تلبّس بالمبدأ حال حصول النسبة بينه وبين الذات كائنا ما كان ، ومجازا فيما لم تلبّس به بعد اتّفاقا محقّقا ومحكيّا على حدّ الاستفاضة ، فيكون إطلاق الواجب على المقيّد قبل حصول شرطه مجازا بعلاقة ما يؤول لكونه ممّا سيصير واجبا.
ودعوى أنّ إطلاق الواجب على الحجّ ونحوه في مقام عدّ الواجبات حقيقة لعدم صحّة