في المقيس ليس بهذه المثابة ، مع أنّ تبادر الإطلاق في المقيس عليه إن اريد به تبادر الماهيّة المطلقة فهو تبادر لعين الموضوع له فكيف يقال : بأنّه تبادر إطلاقي.
وإن اريد به تبادر الشمول البدلي بالنسبة إلى أفراد تلك الماهيّة نظرا إلى حكم العقل به لئلاّ يلزم تأخير البيان الموجب للإغراء بالجهل ، فهو ليس مناط الاستدلال لأنّه تبادر ثانويّ يحصل عقيب تبادر الماهيّة المطلقة فلا يصحّ موردا للمناقشة ، مع أنّ المقيّد هنا بما هو مقيّد لا كلام لأحد في كونه معنى مجازيّا للمطلق بما هو مطلق.
نعم لهم كلام في أنّ المراد به في مقام التقييد هل هو المقيّد بما هو مقيّد ليلزم المجاز ، أو الماهيّة المطلقة والخصوصيّة إنّما تفهم من الخارج ليكون الاستعمال حقيقة؟
وهذا الكلام كما ترى لا يجري في محلّ الكلام ، لأنّ المقيّد ليس فردا من المطلق لينوط حقيقيّة الاستعمال ومجازيّته بإرادة الخصوصيّة من اللفظ وعدمها.
والعجب عن بعض الأفاضل كيف يتعلّق بما مرّ من الاعتراض الّذي لا يليق صدوره عمّن دونه بمراتب فضلا عنه.
وأعجب منه قوله ـ عقيب ما تقدم ـ : « ومن البيّن أنّ تقييد الأمر بشرط أو شرائط لا يزيد على تقييد المأمور به بذلك مع إطلاق الأمر ، فكما أنّ الثاني يكون على وجه الحقيقة فكذا الأوّل من غير فرق أصلا ، فإنّ المأمور به مفهوم لا بشرط فلا ينافيه ألف شرط والواجب المطلق مفهوم بشرط شيء فينافيه ما بشرط شيء آخر.
وتوضيح ذلك : أنّ « الرقبة » في « أعتق رقبة » إنّما وضعت للماهيّة اللابشرط ، لا بمعنى كونه قيدا لها بل بمعنى العراء عن جميع الشروط والقيود المعتبرة في أفرادها ، فإذا قيل « رقبة مؤمنة » لم يكن التقييد المذكور يستلزم تجوّزا فيها لأنّ المراد بها حينئذ هو الماهيّة حال وجودها في ضمن فردها المؤمنة ، والحالة مفهومة عن تركيبها مع القيد ، كما أنّ الخصوصيّة مرادة من القيد فلا يدخل في الموضوع له شيء ولا يخرج عنه شيء.
نعم ربّما نتردّد فيما لو كان القيد قد ورد بمقيّد منفصل مؤخّر وروده عن المطلق ، بناءا على جعله بيانا له إذا لم نتحقّق عن بناء العرف أنّهم يريدون من اللفظ حين إطلاقه مع البناء على إيراد قيده في الزمن المتأخّر الماهيّة مع وصفها بما يقتضيه ذلك القيد من أوصاف أفرادها ، فيكون يلزم أن يتجوّز فيه لا محالة أو الماهيّة المطلقة حال وصفها بالوصف المذكور فيكون يلزم كونه على وجه الحقيقة ، بخلاف ما لو كان التقييد بمقيّد