متّصل ، فإنّ فهم العرف وبناءهم قائم فيه قاض بعدم تعلّق الإرادة من اللفظ إلاّ بالماهيّة المطلقة.
وأمّا في محلّ البحث ، فمن البيّن أنّ تقييد المطلق بما فرض مع الأمر من الشرط يوجب أن يخرج عنه شيء ممّا اعتبر في مفهومه ويدخل مكان ذلك شيء آخر مناقض له ، وهو على تقدير كونه الموضوع له خاصّة يستلزم التجوّز جزما ، ولو فرض معه الوضع له مع ذلك القيد أيضا لكان قولا بالاشتراك لفظا وهو لا يرضى به ، وكونه من باب الاشتراك المعنوي ممّا لا يكاد يعقل للقطع بانتفاء ما يصلح قدرا مشتركا بين القسمين وفقد ثالث يكون جامعا لهما ، لأنّ الطلب إمّا تنجيزي أو تعليقي ولا ثالث بينهما.
وعلى فرض ثبوته فالوضع له مقطوع بعدمه لعدم وقوع استعمال الأمر إلاّ في أحدهما بالخصوص ، فلو صحّ الفرض يلزم المجاز بلا حقيقة في غاية الكثرة وهو كما ترى.
فمن هنا تبيّن أنّ ما في كلام بعض الفضلاء من « أنّ مطلق الأمر موضوع للأعمّ من القسمين وأنّه حقيقة مع كلّ من الاعتبارين » وارد على خلاف التحقيق إن كان غرضه دعوى الوضع للقدر المشترك ، وإن كان غرضه دعوى الوضع للمطلق بتوهّم أنّه أعمّ من المقيّد فيكون اللفظ حقيقة مع كلّ من الإطلاق والتقييد كما في سائر المطلقات بالقياس إلى مقيّداتها فقد اتّضح ضعفه ، بأنّ المطلق هنا مبائن للمقيّد لا أنّه أعمّ منه جتّى يندرج فيما ذكر.
كما يتّضح أيضا أنّ ما أفادنا بعض مشايخنا ـ دام ظلّه ـ من أنّ الحقّ في صيغة الأمر كونها موضوعة للقدر المشترك بين المطلق والمقيّد وهو الماهيّة المهملة القابلة لكلّ من الإطلاق والتقييد من باب الاشتراك ، مع كون انفهام المطلق منها حيثما اطلقت مجرّدة عن القيد إنّما هو من باب الإطلاق وترك ذكر البيان في مقام الحاجة ، موردا على من توهّم كونه من باب الانصراف كما في المطلقات المنصرفة إلى بعض أفرادها بأنّ الانصراف لابدّ وأن ينشأ من غلبة الوجود أو غلبة الإطلاق والاستعمال.
ولا ريب أنّ الغلبة بكلا معنييها منتفية هنا لعدم غلبة بالنسبة إلى المطلق الّذي هو أحد فردي مدلول الأمر لا من حيث الوجود ولا من حيث الاستعمال ، ليس بسديد لابتنائه على أصل فاسد علم فساده ، ولعلّ الاشتباه نشأ عن الانس في المطلق والمقيّد في باب المطلقات إسما وحكما غفلة عن أنّ ذلك اصطلاح مبائن للاصطلاح الآخر المعروف ، فالقول بالاشتراك المعنوي بكلّ من وجهيه بالنظر إلى انفهام المطلق ساقط.