خصوص الأمر به وإن كان وجوبه للغير ، كما هو مدلول أصل لفظ الأمر ومصرّح به في كلام جماعة من المحقّقين » ولكن يظهر منه تخصيص ذلك بما ثبت له وجوب أصلي كالوضوء ونحوه فخرج سائر المقدّمات فلا يترتّب على تركها عقاب.
وربّما يسند القول بترتّب استحقاق العقاب على الترك إلى ظاهر كلام السيّد الطباطبائي في المناهل حيث حكم في بحث الوضوء بوجوبه لمشروط به ، ثمّ رتّب امورا.
منها : بيان أنّ المراد بالوجوب هنا ما يوجب استحقاق الذمّ بالترك ، ووجه كونه ظهورا احتمال اعتقاد التعميم في معنى القضيّة بحيث يمكن كونه في الوضوء من جهة إفضاء تركه إلى ترك ما يوجب تركه ذلك.
وقضيّة ذلك الظهور القول بترتّب استحقاق المدح على الفعل بطريق أولى كما لا يخفى.
والقول بالفرق صرّح به أيضا بعض الأفاضل وتبعه أخوه في ذلك.
وأمّا القول بالمنع مطلقا فاختاره شيخنا ـ دام ظلّه ـ.
وأمّا القول بالإثبات مطلقا فلم يعهد إلاّ ما أشرنا إليه عن بعض الأعلام.
وكيف كان فالمسألة خلافيّة ، وظاهر أنّ الخلاف لا يرجع إلى مفاد الأمر ولا مفهوم الوجوب أو الواجب ، لأنّ الاستحقاق للثواب والعقاب أمر خارج عن هذه الامور بحسب العرف واللغة ، وإنّما هو لازم شرعي للواجب يثبت فيما قام عليه دليل شرعي فيه وينتفي فيما ينتفي الدليل الشرعي ، وظاهر أيضا أنّ الّذي يليق بأن ينازع فيه نفيا وإثباتا إنّما هو ترتّب الثواب والعقاب على الفعل والترك على جهة الاستحقاق وإن كان ذلك قد خفي على كثير منهم فلذا وقع الخلط في كلامهم ، وإلاّ فترتّب الثواب على الفعل أحيانا في بعض المقدّمات على ما ورد عليه الروايات من جهة كونه ممّا فضّله الله سبحانه ليس ممّا ينبغي لأحد إنكاره ، كيف وأخبار فضل الوضوء والخروج إلى المسجد للصلاة والمسير إلى الحجّ والمسافرة لزيارة قبور الأئمّة والحجج ـ سلام الله عليهم ـ لا يكاد يخفى أمرها على أحد ، والظاهر أنّه لا خلاف لأحد في أنّ فعل المقدّمة بنفسها مجرّدة عن ذيها لا يترتّب عليه استحقاق مدح ولا ثواب.
ووجهه : أنّ إيجاب المقدّمة لم يتعلّق به غرض ولا اقتضته حكمة إلاّ التوصّل إلى ذيها ، بحيث لو لا ذلك لكان وجودها مع عدمها في نظر الآمر على نهج سواء ، فما يكون حاله هذا فكيف يعقل استحقاق مدح أو ثواب بفعله المجرّد عن جهة التوصّل ، ولا ينافيه كونها