بعض الواجب بالشرطي فليس من مستحدثات متأخّر المتأخّرين ، ثمّ يذكر لإطلاق الواجب الشرطي موردان :
أحدهما ما في مسألة نزح البئر عند وقوع النجاسة فيها على القول بعدم الانفعال عن الشيخ من أنّه لا ينفعل ويجب النزح تعبّدا للأمر به ، ولكنّه شرط جواز الاستعمال فلو استعمله قبل النزح وصلّى أثم إذا كان الاستعمال عمدا ولا شيء عليه في السهو وصلاته صحيحة على التقديرين.
وثانيهما : ما في مسألة الوضوء للصلاة المندوبة ، وكذلك الأذان والإقامة من قولهم : « الوضوء واجب شرطي لها » فأورد عليهم : بأنّ المشروط إذا لم يكن واجبا فكيف يكون شرطه واجبا؟
واجيب : بأنّ الوضوء ليس واجبا لكن جواز فعل المشروط مشروط بالوضوء ، فإذا لم يتوضّأ حرم عليه فعل المشروط ، فالعقاب إنّما هو لفعل الحرام لا لترك الواجب الّذي هو الوضوء ، ثمّ يذكر لمعناه المراد منه وجهان :
الأوّل : كون النزح والوضوء واجبين بشرط إرادة الاستعمال والدخول في الصلاة ، بحيث يكون العقاب على تركهما لا على الاستعمال وفعل الصلاة.
والثاني : أن يكون النزح والوضوء شرطين لجواز المذكورات لا واجبين بحيث يكون العقاب على تقدير الترك على فعل الحرام وهو فعل المشروط بدون شرطه ، ومرجع الأمرين إلى أنّ الوضوء والنزح هل هما واجبان مشروطان بإرادة الفعل الآخر أم ليسا بواجبين أصلا ، بل شرطين لجواز الفعل الآخر فإنّه يحرم بدون الشرط.
أقول : وعلى هذا المعنى يصحّ إطلاق الواجب على الوضوء لمسّ كتابة القرآن ونحوه ، وعلى الغسل لدخول المسجدين ، وعلى طبخ اللحم ونحوه ممّا لا يجوز أكله إلاّ بعد الطبخ ونحو ذلك ممّا لا يخفى ، وهذا هو الأقرب بالاعتبار وإن كان الأوّل هو الأقرب بلفظ « الوجوب » وكلّ منهما كان فالإطلاق مجازيّ أمّا على الثاني فواضح ، وأمّا على الأوّل فلرجوعه حينئذ إلى الواجب المشروط وكونه نوعا منه ، لتوقّف وجوبه على شيء وهو الإرادة.
ثمّ إنّ الواجب قد ينقسم إلى التعبّدي والتوصّلي وقد تقدّم البحث عنهما ، وقد ينقسم باعتبار الزمان إلى الموقّت وغيره والأوّل إلى الموسّع والمضيّق والثاني إلى الفوري وغيره ، وباعتبار المكلّف إلى العيني والكفائي وباعتبار المكلّف به إلى التعييني والتخييري ، والكلام