عن ضدّه أو لا؟ »
واخرى على الصيغة الشاملة لـ « افعل » و « ليفعل » وغيرهما من صيغ الأمر حاضرا أو غائبا مجرّدة أو مزيدة ، كما ينظر إلى ذلك تقسيمهم الكلام إلى الخبري والإنشائي ، ثمّ الإنشائي إلى الطلبي وغيره ، ثمّ الطلبي إلى الأمر والنهي والاستفهام وأكثر موارد إطلاقه على هذا المعنى إنّما هو من المعاني كما لا يخفى.
وثالثة على ما لا يشمل إلاّ « افعل » ونحوه من صيغ الأمر الحاضر مطلقا ، كما يطلق عليه في لسان النحاة قبالا لفعلي الماضي والمستقبل ، ولا شبهة أنّ الانس بهذه الإطلاقات ربّما يوجب تبادر الصيغة من « الأمر » أو تبادر « الأمر » من الصيغة فيتوهّم أنّ ذلك إنّما هو من جهة الأصل ، وإلاّ فعند العرف العامّ الّذي يدور العبرة على تبادره خاصّة دون غيره لا يكون لهذا التبادر أثر ، بل المتبادر عندهم من « الأمر » عند الإطلاق إنّما هو الطلب الإلزامي مع سائر قيوده المتقدّمة.
نعم لو كان الغرض بتبادر الصيغة من « الأمر » إثبات أمر اصطلاحي فلا مشاحّة إلاّ أنّه خلاف الظاهر.
ومن هنا يظهر ما في كلام السكّاكي ، فإنّه بعد ما بيّنّاه من الاصطلاح لا ينهض شاهدا بما اختاره رحمهالله ، ولا يصلح سندا لما رامه السكّاكي من إثبات كون الصيغة للوجوب ، فإنّ صدق « الأمر » على مثل « قم » و « ليقم » في اصطلاح أهل العلم لا يقضي بصدقه عليهما لغة وعرفا ، وأصالة عدم تغائر الاصطلاحين الراجعة إلى أصل عدم الوضع الجديد إنّما تصلح سندا إذا لم ينهض ما يقضي بالخروج عنها.
وما ذكرناه من تبادر الغير وعدم تبادر الصيغة عن « الأمر » في العرف العامّ مع ضميمة تبادرها في العرف الخاصّ صالح لذلك ، مع أنّ قضيّة الاستشهاد مع الاستدلال بما ذكر إنّما توجب المطلوب ـ بعد الغضّ عمّا ذكرنا ـ إذا فرضت الإضافة في « فعل الأمر » بيانيّة ، وأمّا إذا فرضت لاميّة فلا ، لجواز إرادة الحصر الإضافي في مقابلة فعلي الماضي والمضارع ، تنبيها على أنّ هذه الصيغة لا تأتي بهذين المعنيين ، وأمّا انحصار مدلولها في « الأمر » فلا يستفاد عن ذلك لجواز أن يكون لها مدلول آخر ممّا ادّعي ويتبيّن لك بعد ذلك.
ومن هنا يتّضح أيضا ما في التأييد من ابتنائه على الخلط والاشتباه بنحو ما مرّ ، ولا يبعّده صدور الاستدلال من المحقّقين لكثرة ما وقع منهم نظير ذلك في غاية الكثرة.