البالغ إلينا عن فتوى فقيه واحد ، فإنّه فهمه عن دليل لا دلالة له عليه عندنا فيصير استحبابا ظاهريّا بمقتضى أخبار من بلغ.
ومحلّ الكلام ليس من هذا الباب ، إذ المقدّمة ليس فيها طلب استحبابي أصلا لا في الواقع ولا في الظاهر.
أمّا الأوّل : فلوضوح أنّ الطلب الموجود فيها طلب حتمي وهو ينافي الطلب الاستحبابي.
وأمّا الثاني : فلأنّ القائل بترتّب الثواب على فعل المقدّمة لا يدّعي الاستحباب ، بل يقول بأنّه يترتّب على الطلب الحتمي الّذي هو ثابت باتّفاق منّي ومنك ، فلم يبلغ إلينا استحباب لنتسامح في دليله ، بل الّذي بلغ [ هو ] ترتّب الثواب على الطلب الحتمي وهو ليس من الاستحباب المصطلح في شيء.
ثمّ ذكر أنّ هذا الاستحباب مع خروجه عن المصطلح لا مانع من الالتزام به إلاّ لزوم تسديس الأحكام أو تسبيعه.
والوجه في ذلك : أنّ المقدّمة إمّا فعل شيء أو ترك شيء والطلب الحتمي الّذي لا يترتّب على مخالفته عقاب مع ترتّب الثواب على موافقته ليس بشيء من الأحكام الخمس المعروفة ، فإن اضيف إلى القسم الأوّل من المقدّمة يكون قسما سادسا من الأحكام ، وإن اضيف إلى ثانيهما يكون قسما سابعا من الأحكام.
والفرق بين الصورتين أنّ الاولى تشبه الاستحباب وليس باستحباب كما أنّها ليست بوجوب.
والثانية تشبه الكراهة وليست بكراهة كما أنّها ليست بحرمة ، والوجه في عدم كونهما من الإباحة واضح من جهة تسوية طرفي المباح مع عدم ترتّب الثواب على الفعل والمقدّمة مطلوبة بالطلب الحتمي.
ثمّ صحّح ذلك أيضا بأنّ لزوم ذلك إنّما يقدح في الأحكام الأصليّة دون التبعيّات ، والمقدّمة فعليّة كانت أو تركيّة طلبها تبعي فلا ضير في لزوم التسديس والتسبيع حينئذ.
ولا يخفى عليك ما في جميع هذه الكلمات من الوهن والمناقشة.
فأمّا ما عن الغزالي وعن بعض المحقّقين فيردّه : أنّ ترتّب الثواب على أصل المقدّمة متفرّع على مسألة كلاميّة لم يقع عليها برهان عندنا ، وهي كون وسيلة الطاعة طاعة ككون وسيلة المعصية معصية ، فيقال حينئذ : إنّ الإتيان بالمقدّمة وسيلة إلى الطاعة وهي الإتيان