محلّه ـ قد يكون فعل الكبيرة ولو مع عدم الإصرار ، وقد يكون الإصرار على الصغيرة ولو لم تكن من نوع واحد بل من أنواع متعدّدة.
فلو اريد أنّ ترك المقدّمة بنفسه كبيرة ولو واحدة ، أو أنّ الواجب كثيرا مّا يكون له مقدّمات عديدة فتركها جميعا إصرار على الصغيرة وإن لم يكن ترك الواجب بنفسه كبيرة ، أو أنّ الواجب وإن كان تركه بنفسه صغيرة ولكن ترك مقدّمته ولو واحدة المفضي إلى تركه يوجب الإصرار على الصغيرة ، نظرا إلى عدم اعتبار وحدة النوع في موضوع الإصرار فيلزم الفسق على جميع التقادير ، فيترتّب عليه حينئذ جميع أحكام الفسق من عدم نفوذ الشهادة وعدم جواز القدوة ونحوه.
ففيه : منع واضح من جهة أنّ الفسق ممّا يتفرّع على المعصية لا على ترك الواجب بما هو واجب.
ولقد تقدّم أنّ ترك المقدّمة من حيث هو لا يعدّ عصيانا ، وإنّما العصيان يحصل بترك الواجبات النفسيّة ، والمقدّمة على تقدير وجوبها ليست منها.
فالنسبة بين حصول العصيان وترك الواجب عموم مطلق ، كما أنّ بينه وبين الفسق عموم من وجه ، إذ قد يحصل الفسق من غير ترك واجب ولا حصول معصية كما في منافيات المروّة على القول باعتبارها فيه ، فلا ملازمة بين الوجوب والفسق ليكون لزومه من ثمرات القول بالوجوب.
ولو اريد أنّ ترك المقدّمة ممّا يوجب الفسق ولو كان من جهة إفضائه إلى ترك ذيها إذا كان ذلك من جملة الكبائر.
ففيه : أنّه إذن لا اختصاص له بالقول بالوجوب ، بل هو لازم حتّى على القول بعدم الوجوب.
والسرّ في ذلك : أنّ الفسق حينئذ يستند إلى ترك ذي المقدّمة وهو إذا كان من جملة الكبائر لا يتفاوت الحال في استلزامه الفسق بين كون مقدّمته المتروكة واجبة أو لا ، ولا ينافيه حصوله من حين ترك المقدّمة وإن لم يبلغ وقت ذيها ، لأنّ ترك الواجب أعمّ من الحقيقي والحكمي فتارك المقدّمة في حكم تارك ذي المقدّمة لأنّه جعله بترك مقدّمته ممتنعا على نفسه حين الترك ، فكما أنّ المعصية حاصلة من هذا الحين عرفا فليحصل لوازمها أيضا من ذلك الحين.
والمفروض أنّ الفسق من لوازمها كما أنّ استحقاق العقاب من لوازمها ، فلذا تجوّز