ترتّب الاستحقاق على الترك من حينه ، فمن ترك الخروج مع الرفقة مع العلم بعدم تيسّره له بعد ذلك أو الظنّ به يستحقّ العقاب على ترك الحجّ الواجب عليه من حين ذلك الترك وإن طال زمان البلوغ إلى أوقاته.
وقضيّة ذلك ترتيب آثار الفسق عليه بعد الحكم بفسقه وإن لم نقل بوجوب المقدّمة ، لما يصدق عليه حينئذ أنّه تارك للحجّ وباعث على سقوط الأمر عنه بصيرورته ممتنعا باختياره.
ومنها : أخذ الاجرة على المقدّمة كالحفر الّذي هو مقدّمة لدفن الميّت ومواراته وتعلّق عقد الاجارة بها ، فعلى القول بالوجوب لا يجوز ذلك كغيرها من الواجبات الّتي ادّعي الإجماع على ذلك فيها.
وأمّا على القول بعدم الوجوب فلا مانع عن شيء من ذلك ، فيصحّ العقد ويستحقّ به الاجرة عليها.
ومن فروعه ما لو وجب على الإنسان حجّ مثلا فلا يجوز له أن يأخذ الاجرة على ما يرفعه في ميسره الواجب عليه من باب المقدّمة من مراسلة أو هديّة أو نحوها لأن يوصله في الميقات أو الكعبة إلى أهلها.
ومثله ما لو وجب عليه ردّ أمانة أو مال مغصوب إلى أهله في مكان ، فلا يجوز له أن يوجر نفسه لأن يرفع خطّا أو شيئا آخر في مسيره إلى هذا المكان ، لوجوبه عليه من باب المقدّمة على القول به.
واجيب عنه تارة : بأنّ أقصى ما دلّ عليه الدليل عدم جواز وقوع الإجارة على الواجبات النفسيّة دون غيرها (١).
وفيه : أنّ الدليل إنّما دلّ على أنّ صفة الوجوب من حيث هي مانعة عن التكسّب بالواجبات كما أنّه دلّ على أنّ صفة الحرمة مانعة عن التكسّب بالمحرّمات ، فإبداء الفرق حينئذ بين الواجبات النفسيّة والغيريّة خروج عن مقتضى الدليل ، لاشتراك الجميع في صفة الوجوب وإن كان لبعضها مزيّة على الآخر من جهات اخرى ، وكأنّه إلى ذلك يشير ما ذكره المجيب عقيب الجواب بقوله : « وفيه تأمّل ».
واخرى : بأنّه لا ابتناء لعدم أخذ الاجرة على المقدّمة على القول بوجوبها ولا لجواز أخذها على القول بعدم وجوبها ، بل النسبة بين جواز أخذ الاجرة ووجوب المقدّمة عموم
__________________
(١) ذكره بعض الأفاضل ( منه ).