وفرّق في ذلك بين السبب وغيره ، بأنّه محال أن يوجب علينا المسبّب بشرط اتّفاق وجود السبب ؛ إذ مع وجود السبب لابدّ من وجود المسبّب ، إلاّ أن يمنع مانع *. ومحال أن يكلّفنا الفعل بشرط وجود الفعل ، بخلاف مقدّمات
__________________
أمّا أوّلا : فلأنّه إشكال يرد في موضع الاشتباه ، والعنوان المشتمل على إطلاق القول بوجوب المقدّمة مخصوص بما كان من القسم الثاني الّذي اعترف المعترض بوجوب المقدّمة فيه ، نظرا إلى عود ضمير « ما لا يتمّ إلاّ به » إلى الشيء.
فالعنوان صريح في أنّ الأمر بالشيء أمر بما لا يتمّ ذلك الشيء إلاّ به ، ولا يكون ذلك إلاّ مقدّمة للفعل لا لوجوبه ، إلاّ أن يعتبر في الشيء وصفه العنواني الحاصل فيه باعتبار تعلّق الأمر به ، ويرجع ذلك الشيء إلى ما ذكرناه من الأمر المردّد.
بأن يقال : إنّ ما لا يتمّ الشيء المأمور به بعنوان أنّه مأمور به إلاّ به ما يعمّ كلاّ من مقدّمات الفعل ومقدّمات وجوبه ، بدعوى : أن يكون المراد « بما لا يتمّ المأمور به إلاّ به » ما لا يتمّ إلاّ به من جهة الأمر المتعلّق به ، أو من جهة حصوله في الخارج فيكون الوصف المعتبر فيه واردا بحال الموصوف وبحال متعلّقه معا ولكنّه بعيد عن العنوان ولا يساعده سوق العبارة بحسب ظاهر الفهم ، ولا سيّما مع ملاحظة استلزامه الاستعمال في أكثر من معنى من باب الاشتراك أو الحقيقة والمجاز.
فصار محصّل كلام السيّد دعوى : أنّ سببيّة ما كان من المقدّمات سببا قرينة على كون الأمر الوارد على المسبّب مطلقا فيكون أمرا بالسبب أيضا.
وأمّا غيره فلا يحكم من مجرّد ذلك الأمر بكونه أمرا به أيضا ، لا لأنّ المقدّمة حينئذ ليست بواجبة كما زعموه بل لعدم تعيّن كون الأمر حينئذ مطلقا ، فهو توقّف منه في الأمر لتردّده في نظره بين المطلق والمشروط لا في المقدّمة بتردّدها بين الوجوب والعدم بعد الفراغ في الأمر بفرض كونه مطلقا.
والفرق بينه وبين المشهور أنّهم يجعلون الأمر في موضع الاشتباه مطلقا للأصل من جهة الانصراف أو الحقيقيّة دونه لبنائه على الاشتراك فيتوقّف وإلاّ فهو على تقدير زوال هذا الاشتباه موافق لهم نعلا بنعل من جهة المقدّمة.
* وربّما يستظهر عن السيّد في تلك العبارة إطلاق السبب على العلّة التامّة فيورد عليه :