فإذا انقسم الأمر في الشرع إلى قسمين ، فكيف نجعلهما قسما واحدا »؟ *
__________________
وهي الّتي لا يتوقّف عليها وجوب الفعل أصلا ، فهو صريح في إطلاق القول بوجوب مقدّمات الواجب المطلق كما عليه الأكثر ، فيفسد به ما هو المعروف منه في القول بالوجوب من مصيره إلى الفرق بين السبب وغيره.
نعم ربّما يتدافع كلامه هذا لما سبق حكايته في كلام المصنّف أوّلا من قوله : « وإن كان غير سبب وإنّما هو مقدّمة للفعل وشرط له لم يجب أن يعقل من مجرّد الأمر أنّه أمر به ».
ووجه التدافع : إنّ الّذي لا يتمّ الشيء إلاّ به إذا كان مقدّمة للفعل وشرطا له هو الّذي يعبّر عنه بمقدّمة الوجود ، فالحكم بعدم تعقّل وجوبه مع تعقّبه بعد ذلك بالحكم بوجوب مقدّمات الفعل فيما ذكره من الضرب الثاني من أوامر الشريعة تدافع ظاهر.
ويمكن دفعه : بأنّ المراد بمقدّمات الفعل هنا ما يكون مقدّمة للوجود الصرف وهو المقابل لما يكون مقدّمة للوجوب الصرف ، وبمقدّمة الفعل فيما سبق ما احتمل مع كونه مقدّمة للوجود كونه شرطا للوجوب أيضا وهو الأمر المجمل المردّد بين كونه ممّا يجب من المقدّمات وما لا يجب منها ، فإذا كان الشأن فيه هذا فلا يعقل من مجرّد الأمر الحكم بوجوبه من غير دلالة على عدم كونه مقدّمة للوجوب ، مع احتمال كونه في الواقع مقدّمة للوجوب أيضا الّذي لا يعقل وجوب مقدّمته.
فصار المحصّل : أنّ المقدّمة إمّا مقدّمة للوجود فقط ، أو مقدّمة للوجوب فقط ، أو مقدّمة لهما معا ، أو مردّدة بين كونها من الأوّل أو من الثالث ، وهاهنا احتمالات اخر تظهر بأدنى تأمّل.
والّذي يحكم عليه بكونه واجبا هو الأوّل ، والّذي يحكم عليه بعدم تعقّل وجوبه بمجرّد الأمر هو الرابع ، لدورانه بين ما هو واجب جزما وما ليس بواجب جزما وهو الثالث فلا تدافع بينهما لتعدّد موضوعيهما.
* اعتراض على بعض العامّة في إطلاق قوله : « بأنّ الأمر بالشيء أمر بما لا يتمّ إلاّ به ».
وحاصله : أنّ الأمر الوارد في الشرع إنّما احتمل كونه من القسم الأوّل الّذي لا يجب مقدّمته جزما والقسم الثاني الّذي يجب مقدّمته جزما ، فكيف يحكم بمجرّده إنّه أمر بمقدّمته مع قيام احتمال كونه من القسم الأوّل.
وأنت خبير بأنّه اعتراض في غير محلّه.