مفروض الانتفاء ، ولا يفرق في عدم كون الترك شرطا بين الدفع الّذي هو عبارة عن استمرار الترك والرفع الّذي هو عبارة عن الترك المسبوق بالفعل كما عليه المحقّق الخوانساري ، حيث خصّ الشرطيّة بارتفاع الضدّ دون عدمه المطلق حتّى العدم المسبوق بالعدم.
وتوضيح الكلام في هذا المرام بالنسبة إلى خصوص المقام : أنّ فعل الزنا مثلا على ما يساعده الوجدان ويشهد به الضرورة والعيان له مقتض وهو العزوبة وغلبة الشهوة الّتي توجب في الإنسان تصوّره والشوق إليه وإرادته والعزم عليه ، فهذه الامور من لوازمه المترتّبة على ما ذكر لا أنّها من شرائطه كما توهّم ، وموانع كالتقوى والخوف والخشية من الله أو خوف دنيويّ على المال أو النفس أو العرض ، فإن غلب في الإنسان ما ذكر من المقتضي ضعف الموانع وصار وجودها على تقديره بمنزلة عدمها فيترتّب عليه الإجماع والوقوع في الفعل إن اجتمع سائر شرائطه من وجود الزانية فكونه عندها والخلوة بينه وبينها ونحو ذلك ، وإن غلب فيه شيء من الموانع ضعف المقتضي وصار وجوده على تقديره بمنزلة عدمه فيترتّب عليه الترك من غير توقّف له على الاشتغال بضدّ وجودي.
غاية الأمر أنّه قد يجتمع معه ذلك ويأتي المكلّف عند صرف نفسه عن المحرّم بشيء من ذلك ، واجب أو مندوب أو مباح أو مكروه من باب الاتّفاق ، ولمّا كان ذلك مقارنا له بحسب الزمان والوجود فيذهب الوهم إلى أنّه علّة للترك ويترتّب عليه شبهة كون فعل الضدّ مقدّمة لترك المحرّم ، كما يتفرّع عليه شبهة تمانع الأضداد غفلة عن أنّهما معا معلولان لعلّة ثالثة وهي ما ذكر ، وقس على ذلك غيره من المعاصي أيضا فإنّ الطريق واحد.
لا يقال : فعلى ما ذكرت يلزم خروج الزنا وغيره من المعاصي عن كونه فعلا اختياريّا فكيف يصلح متعلّقا للتكليف ، أو لابدّ من الالتزام بمذهب الأشاعرة ، لأنّ العزم على المعصية ثمّ بعده الإقدام عليها اختياري منوط بمشيّة المكلّف ، فله أن يوقع وله أن يعرض عنه ، لقضاء البداهة والوجدان بوضوح الفرق بين ما يصدر منه عن تشهّي نفسه وما يصدر منه عن جبر وإكراه.
وقد أجيب عنه أيضا : بأنّ كلاّ من المباحات والواجبات والمندوبات والمكروهات موانع من حصول الضدّ الحرام ، ولحصول الضدّ الحرام شرائط وأسباب كالتصوّر والشوق والإرادة ، وكما أنّ حصول الشيء يحتاج إلى تحقّق جميع أجزاء العلل فانتفاؤه يتحقّق بانتفاء بعض العلل ، فترك الحرام يحصل بحصول أحد الموانع المذكورة أو بانتفاء شيء من العلل والأسباب المذكورة ، فإذا انتفى شيء من تلك الأشياء انتفى بانتفائه من غير توقّف