بالأصالة وقد يكون مقصودا له بالتبع وهو أن يكون لازما لمقصوده.
فحاصل الجواب : أنّ المراد بالخطاب إن كان هو الخطاب الأصلي خاصّة فصغرى القياس مسلّمة ولكن كلّية الكبرى ممنوعة ، وإن كان ما يعمّه والخطاب التبعي فكلّية الكبرى مسلّمة ولكنّ الصغرى ممنوعة والوجه في الكلّ ما تقدّم (١).
ومنها : أنّه لو وجبت المقدّمة لعصي بتركها والتالي باطل ، لأنّ تارك نصب السلّم عند الأمر بالصعود إنّما يعصي بترك الصعود لا بترك النصب.
والجواب : إمّا بمنع الملازمة إن اريد بالعصيان ما يوجب استحقاق الذمّ والعقاب ، أو منع بطلان التالي إن اريد به مجرّد مخالفة الأمر ، فإنّ حصول العصيان حينئذ ضروري كما أنّ عدمه على التقدير الأوّل كذلك ولكنّه لا ينافي الوجوب كما مرّ مرارا.
ومنها : أنّه لو وجبت المقدّمة لصحّ قول الكعبي بانتفاء المباح ، وادّعاؤه أنّ كلّ مباح واجب ، لأنّ ترك الزنا مثلا لا يمكن إلاّ بفعل آخر ضدّه فيكون أحد هذه الأفعال واجبة تخييرا.
وجوابه : أنّ هذه شبهة معروفة لا يتوقّف اندفاعها على نفي الوجوب عن المقدّمة ، لما سنحقّقه في المسألة الآتية من عدم تمانع الأضداد كما عليه بعض المحقّقين ، فلا يكون فعل الضدّ علّة لترك الآخر كما توهّم ، ولا تركه شرطا لفعل الآخر كما عليه غير واحد ، بل هما متلازمان في الوجود معلولان لعلّة ثالثة كما في الأوّل ، أو يجتمعان من باب المقارنات الاتّفاقيّة كما في الثاني إن أردنا بالضدّ الوجودي ضدّا خاصّا ، أو متلازمان في الوجود أيضا إن قدّرناه ضدّا مّا بناءا على عدم جواز الخلاء عن فعل وجودي.
وبذلك يندفع إشكال الدور أيضا لابتنائه على ثبوت التوقّف من الطرفين وهو
__________________
(١) وملخّص الاستدلال : أنّه استدلال بالقياس الاقتراني على طريقة الشكل الأوّل ، وصورته : أنّ المقدّمة ليست بمتعلّقة الخطاب وكلّما كان كذلك فليس بواجب ، فالمقدّمة ليست بواجبة.
أمّا الصغرى : فلما ذكره بقوله : « ضرورة أنّ الأمر الوارد لوجوب الفعل ليس له تعلّق بمقدّمته ».
وأمّا الكبرى : فلأنّها عكس قوله : « فكلّ واجب متعلّق الخطاب على طريقة عكس النقيض » ودليل الأصل ما أشار إليه في أنّ تعلّق الخطاب داخل في حقيقة الواجب لأنّه أحد أقسام الحكم ومستند هذه الدعوى ما ذكروه في تعريف الحكم المنقسم إلى الخمس المعروفة من أنّه خطاب الله المتعلّق بأفعال المكلّفين من حيث الاقتضاء والتخيير ، فيرتّب قياس آخر بتلك الصورة : الواجب قسم من الأحكام ، وكلّ قسم منها ما كان تعلّق الخطاب داخلا في حقيقته ، فالواجب ما كان تعلّق الخطاب داخلا في حقيقته ، أمّا الصغرى فواضح ، وأمّا الكبرى فلما ذكر في تعريف الحكم. ( منه عفي عنه ).