يستحقّ تاركه الذمّ » وغير ذلك ممّا تقدّم الإشارة إلى جملة منه في أوائل المسألة ، ضرورة عدم ظهور ذلك في القضايا الفعليّة.
فإن قلت : ما ذكرته من الأمثلة العرفيّة غير مطابق للممثّل والطلب المفروض فيها فعلي ثابت من العقل.
وبيان ذلك : كما أنّ الحكم الشرعي قد يثبت بالدليل الشرعي وقد يثبت بالدليل العقلي ـ وهو حكم عقليّ يتوصّل بصحيح النظر فيه إلى حكم شرعي لضابطة قولهم : « كلّما حكم به العقل حكم به الشرع » ـ فكذلك العرفيّات فمنها ما يكون من المستقلاّت العقليّة فيثبت الحكم فيها بإلزام عقل العبد ، فيكون ذلك دليلا على إلزام المولى بالكلّيّة الجارية في الشرعيّات.
قلت : أوّلا قد أشرنا إلى أنّ حكم العقل في مستقلاّته إنّما يكون من باب الكشف ، والإدراك والنظر في المقام إنّما هو إلى المدرك والمكشوف عنه وهو ليس إلاّ حكما شأنيّا ، ضرورة عدم فعليّة الحكم من المولى لا سابقا ولا لاحقا والّذي ينوط به الثواب والعقاب هو هذا.
وثانيا : نقول بمثل ذلك في مقدّمة الواجب ، فإنّ لزوم الإتيان بها للتوصّل إلى الواجب ممّا يحكم به العقل ، وهو من أدلّة الشرع فيثبت الوجوب الشرعي أيضا بالملازمة المذكورة على نحو ما ذكرته في الأمثلة العرفيّة.
فإن قلت : بأنّ المكشوف عنه هنا حكم شأني نقول به في الأمثلة العرفيّة أيضا كما عرفت.
وإن قلت : بأنّه فيها فعليّ فقد كابرت وخرجت عن الإنصاف.
وبالجملة لا سبيل إلى إنكار الطلبات الشأنيّة وأنّها مندرجة في الأحكام اندراج الطلبات الفعليّة ، وبذلك ينقدح وجه التفكيك بين الأحكام الواقعيّة والأحكام الظاهريّة كما عليه المخطّئة ، وأنّ الحكم الظاهري يتخلّف عن الحكم الواقعي كثيرا ، وأنّ المدار في التكاليف على الأحكام الظاهريّة صادفت الواقعيّة أو لا ، وأنّ العلم والجهل لا يغيّران الواقع بل الواقع واقع في حقّ العالم والجاهل معا ، والّذي يتغيّر ويختلف إنّما هو الظاهري ، فإنّ الطلب المعتبر في مفهوم « الحكم » لابدّ وأن يؤخذ أعمّ من الشأني والفعلي حتّى يتمّ هذه الامور ، ضرورة أنّ الطلب الفعلي لا يتصوّر عنه التخلّف ولا يقوم مقامه غيره ، ولا يعقل التسوية فيه بين العالم والجاهل وإلاّ لزم التكليف بما لا يطاق.
وما يذكره المخطّئة من أنّ الحكم الواقعي في كلّ شيء واحد لا يتعدّد ، وأنّ المتعدّد هو الحكم الظاهري ، وأنّ الله سبحانه في كلّ شيء قبل اجتهاد المجتهد جعل حكما معيّنا في