إلى سائر أجزاء العلّة التامّة وهو مع أنّه خروج عن إطلاق القول بوجوب المقدّمة إلى ما اتّفق الآراء على نفيه ممّا ينكره الوجدان كيف ونحن نجد من أنفسنا أنّ الطلب بالنسبة إلى المقدّمة ولو شأنا يتعدّد بحسب تعدّد أجزاء العلّة من جهة كون كلّ جزء منها مقدّمة مع عدم استلزامه الوصول جزما.
وبناء كلام هذا الفاضل إنّما هو على دعوى اتّحاد الطلب وإن لم يصرّح بها في عبارته ، لكون نفس الإيصال لازما لواحدة من المقدّمات أو الهيئة الاجتماعيّة الحاصلة من انضمام بعض إلى آخر.
وأمّا الوجه الثاني : فلأنّ العقل الصريح قاض بأن ليس للآمر الحكيم أن يقول : « اريد الحجّ واريد المسير الّذي يتوصّل به إلى فعل الحجّ دون ما لا يتوصّل به إليه » لأنّ ذلك جمع بين الشيء وبين ما يناقضه ويضادّه ، فإنّ المسير بما هو هو من جملة الشروط والشرط بما هو هو ليس من شأنه التوصّل به إلى المشروط كما يرشد إليه تعريفه : « بما لا يلزم من وجوده الوجود » فتوصيفه بما ذكر من إرادة التوصّل به إليه توصيف له بما يناقضه ، وأنّه نظير أن يقال : « اريد منك الأبيض الّذي يجمع البصر ولا اريد ما لا يجمعه » أو « اريد منك الأسود الّذي يفرّق البصر دون ما لا يفرّقه ».
نعم لو اريد بعبارة الموصول مع صلته بيان اشتراط انضمام هذا الشرط إلى سائر الشروط اللازمة لارتفع الحزازة المذكورة غير أنّه تصريح في إيجاب المقدّمة بعدم وجوب الشرط بما هو شرط ، وأنّ الواجب فيها منحصر في العلّة التامّة أو ما يعامل معاملته وهو كما ترى ، ولا أظنّ أنّ هذا الفاضل يلتزم بذلك وإنّما تمسّك بذلك الوجه غفلة عمّا هو حقيقة مفاده ومقتضاه.
وأمّا الوجه الثالث : فلأنّ قوله : « وحيث إنّ المطلوب بالمقدّمة مجرّد التوصّل بها إلى الواجب فلا جرم يكون التوصّل بها إليه معتبرا في مطلوبيّتها » مصادرة بالمطلوب.
ومع الغضّ عن ذلك فهو فاسد الوضع من جهة أنّ التوصّل على البيان المذكور علّة غائيّة لطلب المقدّمة وحكمة داعية إلى إيجابها ، والضرورة قاضية بأنّ علّة الحكم لا تؤخذ قيدا في موضوعه ، وإلاّ لخرج عن كونه علّة إلى كونه معروضا للحكم ، وهو محال من جهة أنّ علّة العارض لا يصلح معروضا له.
وقوله : « وصريح الوجدان قاض بأنّ من يريد شيئا بمجرّد حصول شيء لا يريده إذا