قبيل الموقّت ـ مع ندوره في الشرعيّات ـ فالحكم فيه سقوط الأمر لفوات الأمر بخروج الوقت وانتفاء المقيّد بانتفاء قيده ، من غير فرق بين ثبوته فيهما أو في أحدهما بالأدلة اللفظيّة أو الأدلّة اللبّية ، ولا مجرى للاصول العمليّة هنا سوى أصل البراءة ، ومقتضاه موافق لما ذكر.
ولا يعارضه أصل الشغل لأنّه في جريانه فرع ثبوت الاشتغال والقطع بالتكليف ، وهما بعد التعارض بالنسبة إلى ما بقي بعد امتثال أحدهما منتفيان ، وإلاّ لخرج عن فرض المسألة.
ولا الاستصحاب لاقتضائه يقينا سابقا بالثبوت وشكّا لاحقا في البقاء ، والأوّل منتف لو اريد استصحاب الأمر الثابت بعد انقضاء الوقت ، كما أنّ الثاني منتف لو اريد استصحاب ما ثبت قبل خروج الوقت للقطع بعدم بقائه ، وما كان منهما من غير هذا القبيل فإن علم فيه ببقاء العلّة يحكم ببقاء الأمر ، لأنّه معلول ويكشف عن كون الفوريّة مطلوبا آخر لرجحان التعجيل في نظر المولى.
ومن هذا الباب مسألة الإفتاء والقضاء وإنقاذ الغريق والحريق إن علم بحياة أحدهما بعد إنقاذ الآخر أو إطفائه وإزالة نجاسة المسجد إن بقيت إحدى النجاستين على حالها بعد ما أزال الاخرى ، لكون العلّة في الأوّلين رفع حاجة الناس وفي تاليهما حفظ النفس المحترمة ، وفي الأخيرين وجود النجاسة وهي باقية في الجميع.
ومنه أداء الدين وردّ الوديعة لكون العلّة فيهما تفريغ الذمّة وإيصال حقّ الغير إلى صاحبه ، وإن علم بانتفاء العلّة كما في الإنقاذ أو الإطفاء إذا علم بموت الباقي ، ومثله الإفتاء والقضاء إذا علم رفع حاجة الباقي ، وأداء الدين إذا علم بقضاء الغير عنه تبرّعا يحكم بزوال الأمر أيضا لعدم المقتضي ، مضافا إلى أصالة البراءة ، ولا يعارضها الأصلان الآخران لعين ما تقدّم.
وإن شكّ في انتفائها والعدم يشكل الحال من احتمال وجود المقتضي وفقده مع عدم العلم بالرافع ، ويمكن الفرق بين ما ثبت بالأدلة اللفظيّة وغيره ، فعلى الأوّل يحكم بالبقاء للأصل الّذي قرّرناه في ذيل بحث الفور من الجزء الثاني من الكتاب ، ومن أراد الاطّلاع فليرجع إليه.
وعلى الثاني يحكم بالعدم للأصل وعدم العلم بالمقتضي.
وربّما يحتمل هنا جريان الاستصحاب ولكن النظر الصحيح يدفعه ، لأنّ أحد الأمرين من أوّل الأمر بسبب المزاحمة الموجبة للقطع بلزوم التكليف بما لا يطاق لو ثبتا معا في آن واحد غير معلوم الثبوت بل مقطوع بعدم ثبوته في ذلك الآن الّذي وقع فيه الآخر وفيما بعد