فيكونان معلولين لعلّة ثالثة وإن لم نعلمها بالخصوص.
فأورد عليه : بأنّه معارض بمثله وهو الوجدان الّذي يأتي تقريره في حجّة القول بالمقدّمية ، بل دعوى كون ذلك من مقتضى الوجدان افتراء على الوجدان.
وبالتأمّل فيما قرّرناه من الوجوه يظهر ضعف ذلك.
الثاني : ما قرّره بعض المشايخ أيضا ـ حكاية ـ من : أنّ ترك الضدّ لو كان مقدّمة لفعل الضدّ الآخر ففعل الضدّ أولى بكونه مقدّمة لترك الضدّ لكونه مستلزما له بخلاف الترك فإنّه غير مستلزم للفعل والتالي باطل ، وإلاّ للزم الالتزام بشبهة الكعبي ، فأورد عليه : بمنع الأولويّة وكون التوقّف في جانب العكس في محلّ المنع بل الفعل ليس إلاّ من مقارنات الترك لاستناده إلى وجود الصارف وعدم الإرادة ، إذ الإرادة من أسبق مقدّمات الفعل فيكون تركها علّة لتركه فيخرج فعل الضدّ من المقدّمية ويكون من المقارنات الاتّفاقيّة.
وفيه : أنّه مناف للقول بتمانع الأضداد وذهاب إلى نفي المانعيّة ، إذ المانع لا يراد منه إلاّ ما كان علّة للعدم فجعل ترك الضدّ مستندا إلى الصارف إخراج للضدّ الآخر عن كونه مانعا.
فلا يكون تركه شرطا لابتنائه على فرض المانعيّة وهو كما ترى تناقض في المقالة.
وقرّره بعض الأعلام عن المحقّق السلطان بأنّه : « لو كان ترك الضدّ مقدّمة لفعل ضدّه فكون فعل الضدّ مقدّمة لترك ضدّه أولى بالإذعان ، ولمّا كان منشأ توهّم التوقّف هو المقارنة الاتّفاقيّة حصل ذلك الاشتباه في المقامين مع أنّه محال » حاملا لقوله : « مع أنّه محال » على إرادة لزوم الدور ، مع حمله ثاني المقامين على شبهة الكعبي في نفي المباح الّتي هي مسألة مستقلّة في الكتب الاصوليّة ، فيكون أوّل المقامين مرادا به دعوى كون الترك مقدّمة للفعل كما في مسألتنا المبحوث عنها.
والظاهر أنّ العبارة المذكورة مأخوذة منه عن حواشيه على شرح المختصر كما قيل ، وإلاّ فلا يوافق عبارته في حواشي الكتاب ، حيث أخذ بدفع الاحتجاج على اقتضاء الأمر للنهي عن الضدّ الخاصّ بقاعدة المقدّمية ، فقال : والتحقيق في الجواب منع كون ترك الضدّ الخاصّ مقدّمة وموقوفا عليه الواجب ، وإنّما يحصل معه في الوجود بلا توقّف من الطرفين.
والعجب توهّم الكعبي كون فعل أحد الضدّين مقدّمة لترك الضدّ الآخر على عكس المذكور هاهنا.
وأعجب من ذلك توهّم تسليم مصنّف المختصر وشارحه ما ذكر في الموضعين مع