قال البهائي : وممّا فرّعوا على هذا الأصل ما لو أشرف الأعمى على السقوط في بئر مثلا وترك المصلّي تحذيره بالقول مع انحصار المتحذّر فيه وبقى مشتغلا بالقراءة ، فإنّ صلاته تبطل إن قلنا باستلزام الأمر بالشيء النهي عن ضدّه الخاصّ لتعلّق النهي بجزء الصلاة أعني القراءة. وإن لم نقل بذلك لم تبطل ، لأنّ النهي حينئذ عن أمر خارج عن الصلاة ، أمّا لو كان وقت التحذير ساكتا عن القراءة فإنّ صلاته لا تبطل ، لأنّه ليس في تلك الحالة منهيّا عن جزء الصلاة ولا عن شرطها.
ثمّ قال : ولقائل أن يقول : إنّه في تلك الحالة منهيّ عن شرط الصلاة وهي الاستدامة الحكميّة ، فيجب تخصيص الحكم بما إذا لم نقل ببطلان الصلاة عند التحذير بكلام قليل وبما إذا لم يتوقّف حصول حذره على كلام كثير يخرج به عن كونه مصلّيا. انتهى.
قوله : « لأنّ النهي حينئذ عن أمر خارج عن الصلاة » ظاهره كون المراد بالأمر الخارج المنهيّ عنه ترك التحذير الّذي هو ضدّ عامّ له ، نظرا إلى ذهابه في الضدّ العام إلى اقتضاء النهي عنه.
ولا ريب أنّه أمر خارج عن الصلاة ملازم لها في الوجود ، وإلاّ فعلى القول بعدم اقتضاء النهي عن الضدّ الخاصّ لا يعقل شيء آخر خارج عن الصلاة يكون منهيّا عنه بالأمر بالتحذير حتّى ينطبق عليه التعليل.
وقوله : « أمّا لو كان في وقت التحذير ساكتا عن القراءة » بيان لفائدة قيد « الاشتغال بالقراءة » الّذي اعتبروه في محلّ ظهور الفرع المذكور ، وتنبيه على كونه قيدا إحترازيّا ، فيكون قوله : « فإنّ صلاته لا تبطل » مرادا به أنّها لا تبطل على القولين ، فلا يظهر في تلك الصورة فرق بينهما.
وقوله : « ولقائل أن يقول » اعتراض على ما ذكر في التعليل لعدم بطلان الصلاة في الصورة المفروضة على القولين من عدم كونه حينئذ منهيّا عن جزء الصلاة ولا عن شرطها ، ومحصّله : أنّ النهي عن شرط الصلاة إذا كان مبطلا لها فهو حاصل في تلك الصورة لأنّ الاستدامة الحكميّة عند السكوت عن القراءة من جملة الشروط وهي على القول باقتضاء النهي تكون منهيّا عنها فيظهر الفرق بينه وبين القول الآخر.
وفيه نظر لأنّ الكلام في الضدّ الخاصّ والاستدامة الحكميّة عبارة عندهم عن عدم قصد المنافي فليس بأمر وجوديّ ليكون ضدّا خاصّا ، وإن كان يعبّر عنه بالأمر الوجودي ، وفرض هذا الكون المتحقّق عند السكوت عن القراءة ضدّا خاصّا وإن كان ممكنا إلاّ أنّ