فكيف يرجع إلى قواعد الترجيح والتعادل ليكون ردّا على من فرّع الفساد على أحد القولين المذكورين.
والأولى في ردّه منع إحدى الملازمات المذكورة سابقا لابتنائه على ثبوتها كما عرفت ، مع إشكال فيه أيضا ممّا أشرنا إليه في دفع الإيراد الأوّل من أنّ قضيّة التفريع واردة مورد الشرطيّة الّتي صدقها لا ينافي كذب شرطها ، فالاعتراض عليه بتكذيب الشرط غير متوجّه إليه في دعوى الشرطيّة الصادقة.
نعم لو وردت القضيّة مورد القضايا الحمليّة الّتي يراد منها الحكم التنجيزي مثل ما لو ذكرها الفقيه في مقام الفتوى لاتّجه الإيراد عليه كما صدر عن المحقّق الثاني ـ على ما حكي عنه ـ حيث أورد على العلاّمة في دعوى فساد العبادة مع مطالبة الدائن : « بأنّ ذلك إنّما يتمّ على القول بكون النهي عن العبادات موجبا للفساد ، وكون الأمر بالشيء مقتضيا للنهي عن ضدّه الخاصّ ، والأوّل وإن كان مسلّما غير أنّ الثاني غير مسلّم ، فلا يمكن الحكم بفساد العبادات لعدم تعلّق النهي بها حين الأمر بأضدادها الحقيقيّة ، وإنّما تعلّق النهي بالضدّ العامّ وهو الترك ولا مدخل له في الأضداد الخاصّة حتّى يقال بفساد العبادة » إلى آخره.
فلا وقع لما أورد عليه أيضا : من أنّ النسبة بين المأمور به والمنهيّ عنه عموم من وجه ، لأنّ المأمور به هو « الإزالة » مثلا سواء اتّفق الأمر بها في وقت العبادة أو غيره والمنهيّ عنه هو المخالف لها سواء كان عبادة أو غيرها ، فالصلاة مكان الإزالة مصداق له وغاية ما يلزم على تقدير الأمر بها والنهي عنها للأمر بالإزالة اجتماع الأمر والنهي وهو جايز فلا فساد فلا وجه للثمرة المذكورة ، فإنّها مذكورة على فرض جواز الاجتماع ، مضافا إلى فساده في أصله لمنع كون متعلّق النهي ما يخالف المأمور به بمفهومه الكلّي ، بل ولو سلّم كونه ملحوظا حين الأمر فإنّما لوحظ عنوانا وإلاّ فالمنهيّ عنه هو الخصوصيّات المندرجة تحته ، فيكون الصلاة نفس ما تعلّق به النهي لا مصداقه ، فلا يكون المقام من أفراد موضوع اجتماع الأمر والنهي الّذي يزعمه المورد جائزا حسبما يظهر من تقرير إيراده.
ومنها : ما حكاه بعض الأفاضل من أنّا إذا قلنا بدلالة الأمر على النهي عن ضدّه لا يلزمنا القول بفساد الضدّ ، إذ المطلوب هو ترك الضدّ الموصل إلى الواجب دون غيره ، والإتيان بالضدّ إنّما يكون مع حصول الصارف عن المأمور به فلا يكون تركه موصلا حتّى يحرم فعله ويتفرّع عليه فساده.