ونظير هذا الكلام ما صدر عن المحقّق الثاني في دفع اعتراض من يرى الإجازة ناقلة على القول بالكشف بلزومه حصول المشروط قبل حصول الشرط وتأخّر الشرط عنه وهو محال ، من منع عدم جواز ذلك ووقوعه في الشرعيّات كثيرا ، وكأنّ نظره في ذلك إلى التقابض الّذي هو شرط في الصرف ، والقبض الّذي هو شرط في السلم والهبة ونحو ذلك حيث إنّ الشرط متأخّر فيها عن العقد.
وأنت خبير بفساد ذلك : فإنّ القاضي بامتناع تقدّم المشروط على الشرط إنّما هو العقل ، بل هو من القضايا الّتي قياساتها معها فكيف يسوّغ أن يحصل في الشرع ما يخالف ذلك ، وما ذكر من الموارد ليس من هذا الباب ، لعدم كون المشروط هو العقد بل صحّته وتأثيره ، وكلّ من الامور المذكورة جزء للسبب من جهة كونه شرطا للمسبّب ، ولا نسلّم أنّ الصحّة تحصل من حين العقد بل تحصل من حين تحقّق الامور المذكورة والعقد متأهّل ، لها فلا يلزم تحقّق المشروط قبل تحقّق الشرط.
ومن هنا تبيّن بطلان ما ذكره الفاضل من تنظير المقام على أجزاء الصلاة ، فإنّ الأجزاء السابقة قبل لحوق الأجزاء اللاحقة ليس لها إلاّ الصحّة التأهّليّة ولحوق الأجزاء المتأخّرة شرط للصحّة الفعليّة وهي تقارن حصول الشرط لا أنّها متقدّمة عليه.
وأمّا عدّ إجازة الفضولي من هذا الباب فهو أوضح فسادا من ذلك ، لأنّ الّذي يراها كاشفة ـ كما هو الأقوى ـ لا يجعلها بنفسها شرطا حتّى ينهض شاهدا ، بل يجعل الشرط تعقّب العقد بالإجازة وكونه سيرضى به المالك.
ولا ريب أنّه وصف مقارن للعقد وإن تأخّر الإجازة في حصولها بكثير ، ولا يلزم من ذلك أن لا يكون للإجازة مدخل حتّى لا يترتّب على اعتبارها فائدة ، لابتناء الإضافة المعتبرة في الشرط ـ نظرا إلى كونه أمرا إضافيّا ـ على حصولها ، وإلاّ لما صدق على العقد أنّه متعقّب بالإجازة.
فقوله : « إذا تيقّن المكلّف إلى آخره » ففيه : ما لا يخفى ، فإنّ العلم بحصول الشرط في الزمن المتأخّر لا يوجب تقدّم المشروط عليه بحسب الوجود ، لعدم كونه شرطا ولا دخيلا في التأثير ، إلاّ أن يرجع إلى ما ذكرناه من دعوى كون الشرط هو الأمر الإضافي دون المضاف إليه ، وهو كون المكلّف ممّن يحصل منه المعصية أو يقطع بحصولها منه ، فحينئذ يتعلّق به الوجوب قبل حصولها لحصول شرطه ، غير أنّه ـ مع كونه عدولا عمّا جعله شرطا