بأنّه لو لم يكن نفسه ، لكان إمّا مثله ، أو ضدّه ، أو خلافه * ، واللاّزم بأقسامه باطل.
بيان الملازمة : أنّ كلّ متغايرين إمّا أن يكونا متساويين في الصفات النفسيّة ، أو لا ـ والمراد بالصفات النفسيّة : ما لا يفتقر اتّصاف الذات بها إلى تعقّل أمر زائد ، كالإنسانيّة للإنسان. وتقابلها المعنويّة المفتقرة إلى تعقّل أمر زائد ، كالحدوث والتحيّز له ـ فإن تساويا فيها ؛ فمثلان ، كسوادين وبياضين.
وإلاّ ، فإمّا أن يتنافيا بأنفسهما ، بأن يمتنع اجتماعهما في محلّ واحد بالنظر إلى
__________________
فلو قيل : الإنشاء واحد وله إضافة إلى فعل المأمور به وإضافة إلى ترك ضدّه فبالاعتبار الأوّل يصير أمرا وبالاعتبار الثاني يصير نهيا.
قلنا : مع قضاء الوجدان بتعدّد الطلب لتعدّد محلّه ولوازمه كيف يصير إنشاؤه واحدا.
ولو اريد به ما يرجع إلى المكلّف ، ففيه : أنّ فعل المأمور به مع ترك ضدّه لكونهما متلازمين لهما وجودان متغايران ، فيوجب طلب كلّ منهما اشتغالا في ذمّة المكلّف ، ومعه كيف يقال : بأنّ ما يرجع إليه واحد.
ولو اريد به ما يرجع إلى المكلّف به ، بدعوى : أنّ المأمور به والمنهيّ عن ضدّه متصادقان على شيء واحد ، لصحّة أن يقال : إنّه مأمور به ومنهيّ عن ضدّه.
ففيه : مع كونه خروجا عن المتنازع فيه من حيث إنّ كلامهم على ما عرفت إنّما هو في الأمر والنهي على معناهما المصدري المبنيّ للفاعل ، أنّ الوصفين وإن كان يصحّ رجوعهما بحسب التركيب النحوي إلى المأمور به غير أنّ النزاع ليس في أمر لفظي ، ولا ريب أنّهما بحسب المعنى متغايران لتغاير ما يسندان إليه بعنوان الحقيقة ، فلذا يعبّر عن الأوّل بالوصف بحال الموصوف وعن الثاني بالوصف بحال متعلّق الموصوف (١).
* وأجود تقارير هذا الدليل ما في شرح الشرح من أنّه لو لم يكن عينه لكان إمّا ضدّا له أو مثلا له أو خلافا له ، والتالي باطل.
__________________
(١) قيل الصفات النفسانيّة ما لا يفتقر اتّصاف الذات بها إلى تعقّل أمر زائد عليها كالإنسانيّة للإنسان ، ويقابلها المعنويّة وهي ما يفتقر اتّصاف الذات بها إلى تعقّل أمر زائد عليها كالحدوث والتحيّز والشرط. ( منه عفي عنه ).