ضدّه » أمرا متناقضا ، كما يعدّ « فعله » و « فعل ضدّه » خبرا متناقضا ؛ وإمّا لأنّه تكليف بغير الممكن ، وأنّه محال.
والجواب : إن كان المراد بقولهم : « الأمر بالشيء طلب لترك ضدّه » على ما هو حاصل المعنى : أنّه طلب لفعل ضدّ ضدّه ، الّذي هو نفس الفعل المأمور به ، فالنزاع لفظيّ ، لرجوعه إلى تسمية فعل المأمور به تركا لضدّه ، وتسمية طلبه نهيا عنه. وطريق ثبوته النقل لغة ، ولم يثبت. ولو ثبت فمحصّله : أنّ الأمر
__________________
عن الضدّ فيمتنع (١) اجتماع الأمر بالمتباينين إن لم يكن الضدّان نقيضين ، وهذا تكليف ما لا يطاق فلا يكون الأمر بالشيء والنهي عن ضدّه خلافين ، وإذا بطل الأقسام الثلاثة بطل التالي.
واجيب عنه ـ كما في الكتاب المذكور ـ : بأنّ القاضي إن أراد بطلب ترك الضدّ الّذي هو معنى النهي عن الضدّ طلب الكفّ عن الضدّ نختار أنّهما خلافان ، ونمنع على ذلك التقدير ما جعله القاضي لازما للخلافين وهو جواز اجتماع الخلاف مع ضدّ الخلاف ومع خلاف الخلاف ، وذلك لأنّه قد يتلازم الخلافان كالعلّة ومعلولها المساوي لها فيستحيل جواز اجتماع أحدهما مع ضدّ الآخر وإلاّ يلزم اجتماع الضدّين لأنّ أحدهما لا ينفكّ عن الآخر ، وكلّما يصدق أحدهما صدق الآخر ، وأيضا قد يكون ضدّ أحد الخلافين ضدّا لخلاف الآخر كالظنّ والشكّ ، فإنّهما خلافان وكلّ منهما ضدّ العلم فيكون كلّ منهما ضدّ الآخر.
وإن أراد بطلب ترك ضدّه طلب عين الفعل المأمور به فلا يبقى نزاع في المعنى ، بل رجع المتنازع لفظيّا في تسمية الفعل بترك الضدّ ثمّ في تسمية طلب ذلك الفعل نهيا.
وثانيهما (٢) : أنّ السكون عين ترك الحركة ، فطلب السكون الّذي هو الأمر بالسكون هو بعينه طلب ترك الحركة الّذي هو النهي عن ضدّ السكون.
واجيب عنه : بمثل ما تقدّم من خروج النزاع لفظيّا.
والتحقيق في الجواب منع العينيّة لكمال المبائنة بين الوجود والعدم إلاّ أن يراد بها التلازم ،
__________________
(١) وهذا كما في النسخة الّتي عندنا وظنّي وقوعه في مكان « فيلزم اجتماع ... إلى آخره » سهوا من الناسخ وإلاّ لما استقامت العبارة. ( منه عفي عنه ).
(٢) أي ثاني الوجهين اللذين تمسّك بهما القاضي. ( منه عفي عنه ).