واعتذر بعضهم ـ عن أخذ المدّعى الاستلزام ، واقتضاء الدليل التضمّن ـ بأنّ الكلّ يستلزم الجزء *. وهو كما ترى.
واجيب : بأنّهم إن أرادوا بالنقيض ـ الّذي هو جزء من ماهيّة الوجوب ـ الترك ؛ فليس من محلّ النزاع في شيء ؛ إذ لا خلاف في أنّ الدالّ على الوجوب دالّ على المنع من الترك ، وإلاّ ، خرج الواجب عن كونه واجبا. وإن أرادوا أحد الأضداد الوجوديّة ، فليس بصحيح ، إذ مفهوم الوجوب ليس بزائد على رجحان الفعل مع المنع من الترك ، وأين هو من ذاك؟
وأنت إذا أحطت خبرا بما حكيناه في بيان محلّ النزاع ، علمت أنّ هذا الجواب لا يخلو عن نظر ؛ لجواز كون الاحتجاج لاثبات كون الاقتضاء على سبيل الاستلزام في مقابلة من ادّعى أنّه عين النهي ، لا على أصل الاقتضاء.
وما ذكر في الجواب إنّما يتمّ على التقدير الثاني.
__________________
المنع من الترك وأين هو من ذلك ـ في محلّه بناءا على الإغماض عمّا حقّقناه سابقا ، مع تسليم دعوى خروج الدلالة على النهي عن الضدّ العامّ عن محلّ النزاع ، وإلاّ فجوابه التحقيقي منع كون المنع عن الضدّ الخاصّ مأخوذا في ماهيّة الوجوب ، لما تقدّم تحقيقه من أنّ ماهيّة الوجوب ليست إلاّ طلب الفعل مع المنع عن الترك بالمعنى المقابل للإذن في الترك ، وهو ليس بعين النهي في شيء ولا ملزوما له وإن كان ملزوما لعدم الرضا ، كما أنّ الترك ليس بعين الضدّ الخاصّ في شيء.
نعم هو ملزوم لفعل الضدّ في وجه غير أنّه لم يتحقّق بالنسبة إليه نهي حقيقة.
ولو سلّم فهو لا يستلزم النهي عن لازمه كما يأتي ، هذا إذا اريد بالنقيض الضد الخاصّ ، ولو اريد به الضدّ العامّ فجوابه ما تقدّم مفصّلا وما ظهر هنا إجمالا.
* وهذا الاعتذار بناء على ما ذكرناه من التوجيه في محلّه وإن كان خروجا عن الاصطلاح ، لابتنائه على حمل « الاستلزام » على مجرّد عدم الانفكاك وهذا مفهوم يشمل الجزء واللازم ، ولكنّ المصنّف لم يرض به كما أشار إليه بقوله : « وهو كما ترى ».