فلا يتصوّر صدورها ممّن جمع شرائط التكليف مع انتفاء الصارف * ،
__________________
الصارف ، مع أنّه لا ينفكّ عنه عند ترتّب الترك عليه ، إذ الصارف على كلّ تقدير من تقادير الترك لابدّ وأن يتحقّق معه.
إلاّ أن يقال : بأنّ الترك مع عدم الداعي يستند إليه فقط ، لكون وجود الصارف حينئذ تابعا له.
ويدفعه : أنّ إرادة الإيجاد على تقدير الفعل غير منوطة بالداعي ، بل هي اختياريّة تجامع كلاّ من وجود الداعي وعدمه ، فيستند إليها الفعل وهي مستندة إلى الاختيار.
غاية الأمر أنّ الاختيار قد يتعلّل بوجود الداعي وقد لا يتعلّل به ، وكذلك الترك فإنّه مسبوق بعدم إرادة الإيجاد لا محالة فيستند اليه دائما ، وهي اختياري يستند إلى الاختيار ، غايته كون الاختيار ممّا يتعلّل تارة بانتفاء الداعي واخرى بغيره وثالثة لا يتعلّل بشيء.
وكيف كان ففي كلام بعض الأفاضل : أنّه قد يكون مجرّد وجود الصارف وعدم الداعي إلى الفعل كافيا في ترك المأمور به ، من دون حاجة إلى حصول ضدّ من أضداده ، وقد لا يكون ذلك كافيا ما لم يحصل الضدّ كما إذا نذر البقاء على الطهارة في مدّة معيّنة يمكن البقاء عليها فيها ، فإنّه إذا تطهّر حينئذ لم يكن رفعها إلاّ بايجاد ضدّها ، ومجرّد انتفاء الداعي إلى البقاء عليها لا يكفي في انتفائها ، فيتوقّف رفعها إذن على وجود الضدّ الخاصّ ، فيكون وجود ذلك الضدّ وهو السبب لترك المأمور به وإن كان مسبوقا بالإرادة ، وكذا الحال في الصوم بعد انعقاده إن قلنا بعدم فساده بارتفاع نيّة الصوم إلى آخره.
ويمكن دفعه : بأنّ البقاء على الطهارة عبارة عن الاستمرار على عدم إيجاد سبب الانتقاض ، والصارف عنه عدم إرادته بالمعنى المقارن للإيجاد وهو ملزوم لإيجاد السبب إن لم يكن عينه فلا فرق.
* قرينة على أنّ مراده بالصارف في محلّ البحث هو عدم الإرادة بمعنى العزم المقارن للإيجاد ، لأنّه الّذي لا يتصوّر معه صدور الأضداد الخاصّة دون الإرادة بمعنى الشوق والميل ، وغرضه من هذا الكلام تتميم ردّ الاحتجاج المنحلّ إلى ترديد علّية فعل الضدّ للترك بين وجود الصارف وانتفائه ، فعلى الأوّل يستند الترك إلى الصارف دون الضدّ ، وعلى الثاني يمتنع وجود الضدّ فضلا عن علّته.
ووجهه : إنّه أيضا مسبوق بإرادته المقارنة للإيجاد ، ولا يجتمع الإرادتان المقارنتان