قلنا : إضافة المصدر عند عدم العهد للعموم ، مثل « ضرب زيد » و « أكل عمرو ». وآية ذلك جواز الاستثناء منه ، فانّه يصحّ أن يقال في الآية : فليحذر الذين يخالفون عن أمره إلاّ الأمر الفلانيّ. على أنّ الاطلاق كاف في المطلوب ؛ إذ لو كان حقيقة في غير الوجوب أيضا ، لم يحسن الذمّ والوعيد والتهديد على مخالفة مطلق الأمر.
الرابع : قوله تعالى : ( وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ )(١) ؛ فإنّه سبحانه ذمّهم على مخالفتهم للأمر ، ولو لا أنّه للوجوب لم يتوجّه الذمّ *.
__________________
* وجه الاستدلال بتلك الآية نظير ما تقدّم في سابقتها ، فإنّ [ في ](٢) الذمّ الوارد عليهم على جهة الاستحقاق ـ على ما هو المستفاد عن سياق الآية ـ الّذي هو من لوازم الوجوب دلالة واضحة على فهمهم الوجوب عن صيغة « اركعوا » ضرورة أنّه فرع العصيان وهو فرع التكليف وهو فرع الفهم.
نعم ، يبقى المناقشة فيه من جهة احتمال استناد ذلك الفهم إلى أمر غير اللفظ ، فيدفعه : الأصل الّذي قرّرناه مرارا من غير فرق في ذلك بين كون قيام ذلك الأمر على جهة الصرف أو جهة الإفهام.
فبذلك يندفع أيضا ما قيل بمثل ما سبق من احتمال كون ظهور الصيغة في الوجوب لأجل ظهور مدلولها ـ وهو الطلب ـ في كونه حتميّا ، فلا دلالة في الآية على وضع الصيغة لخصوص الوجوب كما هو المطلوب.
كما يندفع أيضا ما عن الإحكام من أنّ أقصى ما يفيده الآية كون الأمر الّذي وقع الذمّ على مخالفته للوجوب ، فلا تدلّ على أنّ كلّ أمر للوجوب ، وربّما يؤيّد ذلك بأنّ المأمور به بالأمر المفروض هو الصلاة ووجوبها من الضروريّات الواضحة ، فكون الأمر المذكور إيجابيّا معلوم من الخارج ، فإنّ تخصيص انفهام الوجوب بذلك الأمر القاضي بعدم كونه لأجل الوضع لابدّ له من مخصّص ومجرّد الاحتمال غير كاف في مقابلة الأصل ، وكون وجوب المأمور به هنا من الضروريّات الواضحة غير صالح لذلك لأصالة عدم التأثير ، مع
__________________
(١) المرسلات : ٤٨.
(٢) اضفناه لاستقامة العبارة.