نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ) (١) ( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ ) (٢) ( وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ) (٣) دلالة على تكليفهم بالفروع كما توهّم ، لكون المسؤول عنهم هم المجرمون والمجرم هو المذنب كما أنّ الجرم هو الذنب ، فهو أعمّ ممّا يرجع إلى مخالفة الاصول ومخالفة الفروع فقط ، فمن الجائز كونهم فرقا مختلفة منهم من عصى في مخالفة الفروع ومنهم من عصى بمخالفة الاصول ، فيرجع ما عدا الفقرة الأخيرة أو هي وما قبلها جوابا من الأوّلين ولا يلزمهم الكفر ، كما أنّها أو مع ما قبلها ترجع جوابا من الآخرين ولا يلزمهم التكليف بالفروع ، وبالجملة ليست الآية نصّا بل ولا ظاهرا في الملازمة كما هو المطلوب.
فإن قلت : أنّ تكليف الكفّار بالفروع في أوّل المحذورين منقوض بتكليفهم بالاصول ، كما أنّه في ثانيهما منقوض به وبتكليف العصاة لهم أيضا ، إذ الطريق واحد كما أنّ الجواب واحد.
قلنا : ما ذكر من التكليفين في كلا المقامين إنّما يراد بهما قطع العذر وإتمام الحجّة ، وهو الّذي يعبّر عنه بالابتلائي الساذج ، ولا قبح في هذا التكليف عقلا ولا عرفا فبطلت المقايسة.
فإن قلت : لم لا يجوز أن يكون الحال في محلّ البحث أيضا كذلك ، فيكون تكليف الكفّار بالفروع ابتلائيّا وليس فيه قبح ولا عذر آخر كما اعترفت به.
قلت : مع أنّ المحذور بالنسبة إلى العقاب الّذي هو المقصود بالتكليف الابتلائي باق على حاله ، إذ الممتنع كما يقبح التكليف به حقيقة فكذلك يقبح العقاب عليه عقلا ، أنّ الالتزام بذلك في تكليفهم بالفروع نقض للاستدلال بالآية الشريفة على كون الصيغة للوجوب بتقريب : كونها في مورد الآية للوجوب ، إذ التكليف الابتلائي لا يراد منه طلب فضلا عن الوجوب الذي هو منه بمنزلة الفصل.
فقضيّة ما قرّرناه من الإشكال أن يكون المراد من الصيغة الّتي حكي عنها في الآية الإرشاد أو الإنذار ، كما أنّ محصّل المراد بالآية هو الإنذار سواء اريد من الركوع معناه المعهود الّذي هو من أجزاء الصلاة ، أو الصلاة من باب تسمية الكلّ باسم الجزء كما احتمل في المقام على ما عن بعضهم ، أو الإيمان والطاعة على ما هو أحد المحتملات فينهدم
__________________
(١) المدثر : ٤٤. أي لم نكن نردّ الحقوق الواجبة علينا من أصل الشرع ( منه ).
(٢) المدثر : ٤٥. أي كنّا نسرع إلى الباطل ونغوي مع الغاوين ، والخوض أصله دخول القدم في مايع كالماء والطين ونحوه ، ثمّ غلّب على الدخول في كلّ ما فيه أذى وتلويث ( منه ).
(٣) المدثر : ٤٦.