بدلالة قوله تعالى ( وَاللّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ) (١).
وقال كثير من أهل التفسير : ان معنى تخافون تعلمون ، ومن لم يقل ذلك وحمل الخوف على ظاهره أضمر في الظاهر وعلمتم نشوزهن فاضربوهن ، وهذا الإضمار مجمع عليه. وللش فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : أنه لا يحل حتى تصر وتقيم عليه.
مسألة ـ ٩ ـ : بعث الحكمين في الشقاق على سبيل التحكيم لا على سبيل التوكيل ، وبه قال علي عليهالسلام ، وابن عباس ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والقول الأخر ان ذلك على سبيل التوكيل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وظاهر قوله تعالى ( فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها ) (٢) يدل على التحكيم ، لأنه لم يقل فابعثوا وكيلا من أهله.
وأيضا (٣) فإن الخطاب إذا ورد مطلقا فيما طريقه الاحكام ، كان منصرفا إلى الأئمة والقضاة ، كقوله تعالى ( وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ) (٤) و ( الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا ) (٥) وكذلك ها هنا.
وأيضا فإن الخطاب لم يتوجه الى الزوجين ، لأنه لو توجه إليهما لقال فابعثا ، وقال : ( إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما ) ، فأضاف الإرادة إلى الحكمين ولو كان توكيلا لم يضف إليهما.
وأيضا فقد روى أصحابنا أنهما يمضيان ما اتفق رأيهما عليه ، الا الفرقة فإنهما يستأذنان في ذلك ، فدل ذلك على أنه على سبيل التحكيم ، لان التوكيل لا يجوز فيه
__________________
(١) سورة النساء : ٣٨.
(٢) سورة النساء : ٣٩.
(٣) م : وكيلا وأيضا.
(٤) سورة المائدة : ٤٢.
(٥) سورة النور : ٢.