والمراد بالأوّل هو صحّة ما إذا كان عمل الوكيل برضا الموكّل بلا تفويض من الموكّل إليه ، بل كان محض رضاه ، والمراد بالثاني هو تفويض الموكّل فعله الّذي وكّل الوكيل فيه إلى الوكيل وصيرورة الوكيل بالتفويض بمنزلة الموكّل نفسه ، ففي الأوّل لا بدّ في صحّة فعل الوكيل من مقارنته مع رضا الموكّل واقعا ، فلو رجع الموكّل عن الإذن وفعل الوكيل مع جهله برجوع الموكّل يقع باطلا ؛ لانتفاء الرضا الّذي هو كان شرطا في صحّة عمل الوكيل.
وفي الثاني ؛ لا يبطل فعل الوكيل بمجرّد عزل الموكّل إيّاه ما لم يبلغ العزل إلى الوكيل ؛ لأنّ الأمر المفوّض إليه لا يرفع عنه بمجرّد العزل الواقعي ، بل سلب التفويض عنه يتوقّف على نزعه عنه الموقوف على بلوغ العزل إليه ، بل قبل البلوغ هو وكيل واقعا ، أي ما سلب عنه التفويض الحاصل بالتوكيل واقعا ولو أنشأ عزله ألف مرّة ، وهذا هو الفارق بين الوكالة الإذنيّة والعقديّة.
الأمر الثاني : أنّ في فعل الوكيل بعد العزل مع جهله به جهتان : جهة توسعة للموكّل ، وجهة تضييق عليه ، أمّا جهة توسعته فلنفوذ فعل الوكيل عنه ، وعدم فسخ وكالته بمجرّد العزل بحيث يحتاج في إسناد فعل الوكيل إلى نفسه إلى إنشاء وكالة مستأنفة ، بل فعل الوكيل بلا توكيل جديد يستند إليه ، وأمّا جهة تضييقه فلنفوذ فعل الوكيل على الموكّل ، رضي به أم لا ، وهذا ظاهر ، فالحكم بصحّة ما يفعله الوكيل بعد العزل ؛ الجاهل به يمكن أن يكون من الجهة الاولى وكان جعله للإرفاق على الموكّل والتوسعة له ، ويمكن أن يكون من الجهة الثانية ، ولا بدّ في تشخيص ذلك من بيان الإمام عليهالسلام ، لعدم كونه أمرا أجنبيّا يمكن استنباطه للمكلّفين ، بل يختصّ بيانه بوظيفة الشارع.