إن اعتبر في مناط التراضي حصول الدواعي الخارجيّة والحكم بلزوم تحقّقها بالمعاملة ، مع أنّ المفروض أنّ المعاملة وقعت صحيحة.
فكيف كان فهي ؛ وكذلك آية (لا تَأْكُلُوا) (١) أجنبيّتان عن إثبات الخيار ، كما لا يخفى ، وإن قال الشيخ قدسسره : ولو استدلّ عليه بالثانية كان أحسن (٢).
وفيه ؛ أنّه [إن] اريد من الباطل الباطل عند العرف ، كما هو الظاهر ومقتضى السياق ، فهو يدلّ على بطلان المعاملة الغبنيّة ، مع أنّ المقصود نفوذ الفسخ بها ، وأكل المال بعد الفسخ ليس بالباطل عند العرف ، وليس داخلا في ما نهي عنه ، وإن اريد البطلان الشرعي فهي تدلّ على النهي عن أكل المال بلا سبب صحيح شرعي.
وأمّا إثبات حرمة الأكل بعد إبطال السبب الشرعي بها وجعلها كناية عن نفوذ الفسخ فهو في غاية البعد.
ثمّ إنّ الاستاذ ـ مدّ ظلّه ـ بيّن وجها في دلالة الآية الاولى على المطلوب ، وهو أنّها تدلّ على اشتراط المراضاة في المعاملة ، وهي إنّما متحقّقة ما لم ينكشف التزايد والتناقص ، وبعد انكشافهما فتنقلب المراضاة ، فعليه لو لم يؤثّر الفسخ يلزم عدم الاشتراط ، فلا بدّ بعد إمّا من المراضاة وإمّا تأثير الفسخ.
ولكن ذلك يتمّ لو اعتبر في المعاملة أزيد من التراضي حين الإنشاء والعقد ، بل اعتبر استقرار التراضي ، أو اعتبر التراضي في الواقع ، بحيث لو انكشف حقيقة الأمر حين الإنشاء يكون التراضي عند ذلك محقّقا ، وأنّى
__________________
(١) البقرة (٢) : ١٨٨.
(٢) المكاسب : ٥ / ١٥٩.