وكذلك إن التزمنا بالأوّل ، ولكن قلنا بأنّ التدارك يكشف عن دفع هذا الأمر الحدوثي وعدم ثبوته من أصله في علم الله ، كما هو ظاهر كلام الشيخ قدسسره في ردّ استصحاب المحقّق الثاني رحمهالله في المقام (١).
وإن لم نقل بذلك ، بل قلنا بأنّ الضرر إذا حدث فليس قابلا للدفع ، فيكون أمر الأرش والفسخ بيد المغبون وليس للغابن الامتناع.
هذا كلّه مبنى كلام الشيخ قدسسره وأساس احتمالاته ، وعلينا إبطال أساس هذه المقدّمة ، ثمّ تحقيق ما هو الحقّ.
فأقول : لا خفاء في أنّ الضرر أمر حدوثي ؛ لأنّه تابع للعقد وجاء من ناحيته ، ولا ريب أنّ العقد أمر حدوثي وإنّما يكون بقاؤه اعتبارا لصرف صدق الفسخ ؛ لأنّه بمعنى الحلّ ، وإنّما يتعلّق بما هو متّصل ومعقود حتّى يحل ، فلذلك اعتبروا فيه البقاء لهذا الأثر فقط ، وإلّا فإنشاء الإيجاب والقبول ليس أمرا قابلا للبقاء والثبات.
فلا معنى لأن يقال : إنّ الضرر ثابت وباق إلى أن يتدارك ، وإلّا فيفسخ ، فاعتبار هذا المعنى إنّما نشأ من قبل الشارع لذلك فقط ، فلا يمكن إسراؤه إلى غير ما اعتبره.
وأمّا القول بأنّ التدارك كاشف عن عدم ثبوت الضرر من رأسه ؛ فهو قول بلا دليل ، بل وخرص عليل ، فإنّ العرف والوجدان يصدّقان بأنّ العقد إذا كان منشأ للضرر فبثبوته يثبت الضرر ، فالغرامة لو التزم به إنّما يرفع الأمر الثابت لا أن يدلّ على أنّه كأن لم يثبت ، وإن التزمنا بالكشف في بعض المقامات فإنّما هو
__________________
(١) المكاسب : ٥ / ١٦٢.