لقيام الدليل الكاشف عنه عليه ، أو لضيق الخناق.
فحقّ التحقيق في المقام ـ كما عليه أهله ـ أن يقال بأنّ القاعدة المذكورة لا تفيد في المقام إلّا رفع اللزوم وإثبات الخيار للمغبون ، ولكن بعد البناء على ما هو الحقّ عندنا من معنى حديث «لا ضرر» ـ على اختلاف الأقوال فيه ـ من استفادة نفي الحكم الضرري منه ، أو نفي الأثر أو الضرر الغير المتدارك وغيره.
وأمّا ما التزمنا به من المعاني ؛ فهو نفي الضرر أصلا في الشريعة السمحة السهلة حكما كان أو موضوعا ، كلّما نشأ عنه الضرر ، فهو منفي بطريق العموم ، ففي المقام «اللزوم» وإن لم يكن حكما شرعيّا بل هو عبارة عن عدم الخيار ، فإنّ العقد بالنسبة إلى اللزوم والجواز سواء ، كما حقّقنا في أوّل الخيارات بأنّه لا اقتضاء محض ، ولو لا ذلك فكيف يثبت به الخيار ، وكذلك كيف يجوز شرط السقوط؟ فهو كاشف عن عدم انتزاع اللزوم من ذات العقد ، بل هو منتزع ممّا لم يشرّع فيه الخيار ، ولا ينافي ذلك قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) ، فإنّه لا يدلّ على أزيد من وجوب الوفاء ما دام العقد باقيا ، فقاعدة الضرر تنفي هذا الأمر المنتزع وإن لم يكن حكما شرعيّا.
وأمّا الّذين التزموا بالمعنى الأوّل ؛ فلا يمكنهم القول بذلك إلّا مع إرجاع اللزوم إلى الحكم ، فيلزم أن لا يكون قابلا للتغير كما في العقد الجائز ، وقد عرفت تحقيق الحال في أوّل خيار الشرط ، وسيأتي توضيحه إن شاء الله.
فتبيّن أنّ بهذا الحديث الشريف لا يثبت إلّا خيار الفسخ للمغبون ، كما فهمه الأصحاب طرّا ، وعليه الإجماع ظاهرا.
__________________
(١) المائدة (٥) : ١.