تفسير قوله تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) (١) (٢).
وجزم في أوائل تفسير الفاتحة بأنّه لو قال : اصلّي لثواب الله ، أو للهرب من عقابه فسدت صلاته (٣).
ومن قال بأنّ ذلك القصد غير مفسد للعبادة مع خروجها به من درجة الإخلاص.
وقال : أنّ إرادة الفوز بثواب الله والسلامة من سخطه ليست أمرا مخالفا لإرادة وجه الله ، وقد قال تعالى في مقام مدح أصفيائه : (كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً) (٤) أي : للرغبة في الثواب ، والرهبة من العقاب.
وقال سبحانه : (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً) (٥).
وقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٦) أي : حالكونكم [راجين] للفلاح ، أو لكي تفلحوا ، والفلاح هو الفوز بالثواب) (٧) ، انتهى.
وكيف كان ؛ فإن قلنا بصحّة العبادة مع كون الداعي خوف العقاب أو رجاء الثواب ، لعدم كونه منافيا لإرادة الله لا ينافيها أيضا كون الداعي ترتّب الامور الدنيويّة عليها الّتي ورد من الشرع أنّها من قبيل الخواصّ ، لكونها مطلوبا منه
__________________
(١) الأعراف (٧) : ٥٥.
(٢) التفسير الكبير : ١٤ / ١٣٤ و ١٣٥.
(٣) التفسير الكبير : ١ / ٢٥٠.
(٤) الأنبياء (٢١) : ٩٠.
(٥) الأعراف (٧) : ٥٦.
(٦) الحجّ (٢٢) : ٧٧.
(٧) الأربعين للشيخ البهائي : ٢٢٥ و ٢٢٦ ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.