وذلك ؛ لأنّ إنشاء الأثر المشترك بين الصلح والهبة المعوّضة ، وتوهّم أنّ الصلح لا يتحقّق إلّا بإنشاء التسالم فاسد. فإنّ قول أحد الشريكين لآخر : لك ما عندك ، ولي ما عندي ، صلح مع عدم تحقّق إنشاء تسالم فيه ، بل الصلح إنّما يمتاز عن سائر العقود بكونه مركّبا من إيجابين في مقابل الإيجاب والقبول ، لا بكونه إنشاء للتسالم ، كما قد حقّق في محلّه.
قوله : (بل هو تمليك على وجه ضمان المثل ، أو القيمة ، لا معاوضة للعين) (١).
توضيح الكلام في ذلك ؛ أنّ كلّ عين من أعيان الأموال له خصوصيّة وماليّة ، والضمان قد يتعلّق بهما معا ـ كما في الغاصب مع بقاء العين ـ وقد يتعلّق بالماليّة دون الخصوصيّة ـ كما في صورة التلف ـ لأنّ تلف الخصوصيّة لا يوجب دفع الضمان عن الماليّة ، فيشتغل ذمّته بالمثل أو القيمة بمجرّد التلف ، فما يدفعه بعد ذلك تشخيص لما في ذمّته في ضمن خصوصيّة اخرى الّذي هو عين مال المغصوب منه الباقي بعد تلف العين ، لا معاوضة بين الخصوصيتين. فما يدفعه عين ما أخذه لا شيء آخر.
وهذا في الغصب واضح ، والقرض أيضا نظيره إلّا في عدم الإثم ، فإنّ القرض حقيقته رفع اليد عن الخصوصيّة مجّانا ، وإبقاء للماليّة في الذمّة ، ولذا يترتّب عليه الثواب ، لما فيه من المجانية ، بخلاف المعاوضة وبمجرّد القبض تنقلب المالكيّة المفروضة عن الخصوصية إلى ما في الذمّة ، والتشخيص لا يمكن
__________________
(١) المكاسب : ٣ / ١٥.