إلّا من ذيها ويتخيّر ذو الذمّة بين عين مال المقرض وغيره.
وليس للمقرض إلزامه بالتشخيص في ماله.
ومن [هنا] قيل : إنّ القرض من العقود اللازمة من طرف المقرض ، والجائزة من طرف المقترض حيث يجوز له الوفاء بكلّ من عين مال المقرض وغيره (١) ، لكن الحقّ كونه من العقود اللازمة من الطرفين ، لظهور أنّ الوفاء عمل بمقتضى القرض لا إبطال له.
ولو كان جائزا من طرفه لزم أن يؤثّر فسخه ، فليسلّط المقرض على عين ماله من دون حاجة إلى تشخيص المقرض ، وهو باطل قطعا.
وكيف كان ؛ فعدم كون القرض من المعاوضات من أوضح الواضحات ، ولا يحتاج إلى ما استدلّ به رحمهالله. بقوله : (ولذا لا يجري فيه ربا المعاوضة ، ولا الغرر المنفي فيها ، ولا ذكر العوض ، ولا العلم به) (٢).
أمّا عدم جريان ربا المعاوضة فيه ؛ فلأنّ في ربا المعاوضة يعتبر اتّحاد الجنس ، وكونهما من المكيل والموزون ، بخلاف القرض ، لأنّه يصحّ في القيميّات وإن لم تكن من المكيل والموزون ، مع كون العوض قيمة وهي مغايرة للمال المقترض ، ومع ذلك لا يجري فيه الربا ، لأنّ العبرة هنا بمطلق جرّ النفع من غير اشتراطه بشيء ، فعدم جريان ربا المعاوضة فيه دليل على عدم كونه معاوضة.
لكن للخصم أن يناقش في ذلك بأنّ مجرّد ذلك لا يدلّ على عدم كونه معاوضة ، لإمكان اختلاف المعاوضات في أحكام الربا ، ولا يجب أن يكون
__________________
(١) لاحظ! جواهر الكلام : ٢٥ / ٢٨ و ٢٩ ، الحدائق الناضرة : ٢٠ / ١٢٦ ـ ١٣٠.
(٢) المكاسب : ٣ / ١٥ و ١٦.